هل لدينا مشكلة حقيقية مع وجه المرأة في الإعلانات؟ لكن، أهي مشكلة نفسية أم اجتماعية أم مشكلة والسلام معها؟

هل لدينا مشكلة حقيقية مع وجه المرأة في الإعلانات؟ لكن، أهي مشكلة نفسية أم اجتماعية أم مشكلة والسلام معها؟ جعلنا نتعامل معها اجتماعيا ككائن غرائبي، وقد تدخل تعاملاتنا أحيانا في خانة صدق أو لا تصدق!. أقول ذلك لأني في كل مرة أرى فيها أحد الإعلانات الاستهلاكية المعلقة على الأرصفة والشوارع مما تستعين بصور ضمنها صورة لامرأة محتشمة، أجد ملامحها وحدها داخل تلك الصورة تطير لا أنف ولا عين ولا يحزنون!، وتبدو مزعجة جدا بصريا نتيجة طمس وجهها!، وحينها أقول: لو ينزعونها أحسن.. ما صار إعلانا صار أذية لأعيننا!.
والأزمة أن هذا الأمر فقط يكون في صورتها دون بقية الذين يظهرون معها بذات الإعلان رجلا كان أو طفلا ذكرا؛ لأن الطفلة كذلك يتم طمس صورتها أحيانا!، وكثيرون ربما لا يعرفون أن ذلك يعد من قبيل التلوث البصري!، ولكن المسألة تتعدى هذا التلوث إلى تلوث العقل اللاواعي لدى كل من يشاهد إعلانا هكذا، خاصة الأطفال والمراهقين، إذ يتم تعزيز الموقف السلبي ضد المرأة في اللاوعي المجتمعي، ومن شأنها أن تطمس مكانة المرأة لدى كل طفل يشاهدها في هذه الإعلانات، إنها تخبره بأن أمه أو أخته أو ابنته مطموسة ككائنات، ويتم تشويههن في نفسه، ويمكنه بكل بساطة طمس حقوقهن كما تلك الصورة المعلقة في الشوارع، فلا نستغرب بعد أن يكبر هذا الطفل أن يكون عاقا لأمه أو لا يحترم زوجته أو لا يعطف على طفلته، فاللاوعي داخله كما جهاز الكمبيوتر خزن الصورة المطموسة وأفرزها في تصرفاته لا إراديا!، ويمكنكم ببساطة أن تسألوا أطباء علم النفس عن هذه الحقيقة.
ما أستغربه فعلا، هو المبدأ الذي يقوم عليه طمس وجه المرأة في تلك الإعلانات دون بقية وجوه الذكور!، هل يعتبرون المرأة وحدها من ذوات الأرواح فيطمسون وجهها؟ لكن يبدو أن هذا المبدأ انتهت صلاحيته منذ أن أصبح بعض ممن عارضوا الصور في فترة تعرفونها جيدا، أصبحوا كـموديل ينافسون عارضي الأزياء في إعلانات العطور، وباتت صورهم تطفح بـالفوتوشوب في كل مكان بالشوارع؛ كي يظهروا بتلك الوسامة معلنين عن برامجهم التلفزيونية!. إذًا ما السبب؟ معقول أن طمس وجهها نتيجة الخوف من فتنة الرجال المارين في الشوارع وإثارة غرائزهم من مجرد صورة! أعتقد لو كان هذا هو السبب، فهذا يعني أن لدينا مشكلة منخوليا مع المرأة!.
أخيرا، توقفوا عن هذه الازدواجية التي تظهر أن هكذا تلوثا بصريا ليس ناتجا إلا عن تلوث فكري واجتماعي!، فإما أن توقفوا طمس صورتها في هذه الإعلانات، أو أوقفوا الإعلانات ذاتها وارحموا أعيننا من هذا الإيذاء.