أنت ما تعرفني!.. أنا ابن فلان الفلاني.. وأقدر أرجعك الشارع هذه العبارة النابية تلفظ بها شاب مراهق يبدو في الـ16 أو الـ17 من عمره؛ مهددا حارس أمن شاب يعمل على بوابة أحد المولات الكبرى في جدة، كنتُ واقفة أنتظر سيارتي وأنا أستمع لحوارهما، فكل ذنب حارس الأمن أنه ينفذ الأوامر، بمنعه من الدخول بسبب ملابسه التي صدر فيها قرار على الأسواق والمقاهي بمنع دخول المرتدين لـالشورت! وبغض النظر عن سبب المنع، أتحدث هنا عن اللهجة التهديدية المتعالية من المراهق وأصدقائه لحارس الأمن الذي أجبرته ظروفه على العمل براتب يقارب 3000 ريال، ولا أخفي عليكم أزعجني الموقف جدا، فهؤلاء يحرجون حارس الأمن ويأمرونه بأن يسمح لهم بالدخول ضاربين بالقانون عرض الحائط، لكنه كان مصرا على أداء عمله، رغم الإحراج الذي شعر به أمام الناس.
وبغاية الأدب اختصر الكلام بأن عليهم الذهاب إلى إدارة السوق، فهو ينفذ الأوامر لكن ذلك المراهق يُصر على الوقاحة بقوله: أنا لا أذهب لإدارة السوق الإدارة هي من تأتي إليّ.. اطلب مديرك، وبعد طول جدال اتصل أحد المرافقين لذلك المراهق على أحدهم، ويبدو أنه في إدارة السوق، ليعطي حارس الأمن الهاتف، ما جعل ملامحه تتغير وبدا عليه القلق وهو يتلقى أمرا بإدخالهم، هكذا وبنفس منكسرة سمح لهم بالدخول، في ظلّ استمرار المراهق بازدراء الحارس: شفت دخلت غصب عنك.!! وبعد أن دخلوا جاء زميله وسأله: لماذا أدخلتهم؟ فقال له بلغة موجوعة وهو مجبر على هكذا وظيفة لا أمان لها لأنه ابن فلان الفلاني! ثم أدخل بعدهما مراهقين صغيرين كانا يقفان بسلام قبل حصول الموقف ذاته وقد منعهما من الدخول لذات السبب!
لقد شعرت كثيرا بالحزن على ذلك الشاب الذي يعمل في العيد في وقت استمتاع أقرانه؛ وبذات الوقت غضبت من تلك الأسرة التي أنجبت هذا المراهق الذي يستقوي بأسرته، كونها ذات نفوذ بسبب اسمها التجاري، فتربيتهم هي من أفرزت هكذا نموذج، ولولا أنها أعطته مجالا لأن يستخدم اسمها بكسر القوانين العامة! لما حصل الموقف ولما استقوى على حراس الأمن، فحارس الأمن في أماكن أخرى يتمتع بهيبة واحترام ويخاف منه الغني والفقير والمسؤول والمواطن، ولديه صلاحيات تجعله يسلم المخالفين للقوانين إلى الشرطة! إلا عندنا فعمل حارس الأمن تحصيل حاصل ومُهين بل ويشعره بالإذلال بسبب هذه المواقف غير المهذبة!
ما أود قوله باختصار شديد: على مراكز التسوق والمقاهي والجهات التي تستخدم حراس الأمن، إما أن تُمكنوا حراس الأمن من تطبيق القوانين على الغني والفقير والمسؤول، لأن القانون والقرارات العامة يقف أمامها الجميع سواء ويجب احترامها، مهما كان أو كان ابن من أو كانت عائلته! وإما فليستغنوا عن حراس الأمن ويوفروا رواتبهم، لأنه لا فرق بين وجودهم من عدمهم ما دامت القرارات العامة والقوانين تُطبق فقط على مواطن دون آخر!