رواد مهنة التسول يوظفون الأطفال لجمع الأموال من خلال توزيعهم على المواقع التي يتم تحديدها بين المسؤولين عنهم، وهذا فيه استغلال للأطفال، ولا بد من حمايتهم من هذه المهنة

أصبح التسول في هذه الأيام مهنة تدر مبالغ مالية كبيرة على المتسولين ومن يدير مهنة التسول، ويتحكم في المتسولين مجموعة من الأشخاص الذين يعملون على توزيع المتسولين من أطفال، ونساء، وكبار السن في الأماكن العامة، والمتنزهات، والأسواق، وعند الإشارات المرورية، وعند المساجد، وبذلك أصبح التسول منظما وله قيادات توجهه، وتعمل على توظيف الأطفال، وكبار السن، والنساء لجمع الأموال وفق اتفاقيات بين قيادات التسول، ومن يقوم بالتسول. ولم يعد التسول مقصورا على زمن، أو مكان معين؛ ففي فصل الصيف نجد أن المتسولين من الأطفال والنساء ينتشرون في المتنزهات بشكل كبير، ويزعجون المتنزهين من خلال الإلحاح عليهم لتقديم المساعدة لهم إلى درجة قد تصل إلى المشادة الكلامية معهم لعدم قناعتهم بما يقدم لهم من صدقة، أو غذاء، أما في فصل الشتاء فنجدهم في الواجهات البحرية، يمارسون التسول بنوع من الحرية، وعدم الاكتراث بشعور الآخرين، فنجد أن الأسرة الواحدة تقوم بتوزيع أفرادها لينتشروا في أماكن محددة لهم وبحدود متفق عليها مع الأسر المتسولة الأخرى بحيث يلتزم الجميع بهذه الحدود.
وفي شهر رمضان المبارك تتزايد أعداد المتسولين بشكل ملحوظ في المساجد وعند الأسواق، وعلى الشوارع العامة؛ فعند أبواب المساجد نجد أن كل مسجد مخصصا لأسرة مكونة من الأم وأطفالها وينتظرون المصلين بعد صلاة التراويح والقيام بشكل أكبر من الأوقات الأخرى، ويعملون في كثير من الأوقات على إعاقة حركة المصلين من حيث دخولهم، وخروجهم من المسجد، وفي كثير من المساجد يخرج بعد كل صلاة رجل ويقف أمام المصلين ويعرض حالته وحاجته للمساعدة أو حالة ابنه أو والده، وفي أغلب الأوقات يكون واقعهم مخالفا لما يتظاهرون به أو يقولون، ويتنقل هؤلاء الأفراد من مسجد إلى آخر، وقد يحصلون على مبالغ مالية بدون جهد يذكر، ويعمدون إلى استغلال مشاعر الآخرين واستعطافهم، وبذلك اتخذوا من هذه الأساليب مهنة للحصول على مبالغ مالية من عند أهل الخير، وهنا أرى أنه من الضروري أن يتأكد الشخص ويتثبت من صحة ما يقوله هؤلاء الذين اتخذوا مهنة التسول مصدرا للحصول على المال قبل تقديم ما تجود به نفسه، وذلك بهدف أن تصل الصدقات للمستحقين الحقيقيين؛ لأن المحتاج الحقيقي لديه عزة نفس، ولا يلجا إلى هذه الأساليب، أو الطرق التي انتهجها المتسولون غير الحقيقيين.
وفي أماكن أخرى نجد أن هناك مظهرا آخر للتسول على الطرقات بحيث تجلس بعض النساء على جانب الطريق في انتظار أهل الخير لتقديم المساعدة لها، ونجد أن كثيرا من الناس يقدم لها الصدقات، وهذا أسلوب، أو نمط جديد من التسول، ومساعدة هذه الفئة من المتسولات من دون التأكد من احتياجهن الحقيقي يساعدهن، بل يشجعهن على الاستمرار في هذا النهج، ونجد أن هناك نوعا آخر من المتسولين يتخذون تقاطع الشوارع عند الإشارات المرورية مواقع لهم، ويتنقلون بين السيارات في أثناء توقف السيارات، ومستمرين بشكل مكثف في هذه الأماكن. في واقع الأمر إن مهنة التسول لم تعد ترتبط بوقت معين أو مكان معين، بل أصبحت على مدار العام، ويتم التسول بنوع من الحرية، وذلك نتيجة لغياب المتابعة المستمرة من الجهات المعنية، ممثلة بمكافحة التسول، وقد أعجبني ما سطرته مقتطفات الأستاذ صالح الشيحي حين أقترح أن تحور وظائف هذه القطاع وتنقل إلى قطاعات أخرى لتتم الاستفادة منها بشكل أكبر، وأنا أوافقه في هذا الاقتراح لعدم فاعلية هذا القطاع.
والملاحظ أن رواد مهنة التسول يوظفون الأطفال لجمع الأموال من خلال توزيعهم على المواقع التي يتم تحديدها بين المسؤولين عنهم، وهذا فيه استغلال غير سليم للأطفال، ولا بد من حماية هؤلاء الأطفال من هذه المهنة، مع العلم أن الأبحاث أوضحت أن نسبة كبيرة من المتسولين قد تصل إلى 80% من غير السعوديين، ونتطلع أن تعمل حملة متابعة المقيمين غير النظاميين، والمتسللين على القضاء على هؤلاء الذين أزعجوا المتنزهين في متنزهاتهم، والمصلين في مساجدهم، ومستخدمي الطريق في طرقاتهم، وهؤلاء يحسبون على السعوديين وهم في الأغلب غير سعوديين.