للموسم الألف بعد كل رمضان، تعلو أصوات، تنتقد تواضع الدراما الخليجية، في ظل تغافل تام من قبل العاملين والمنتجين لهذه الدراما، بدليل عدم وجود أي تغير نحو الأفضل في مستوى هذه الدراما، بينما يقطع اليوتيوبيون الأمل في أن يقدموا بديلا في وقوعهم بـ فخ نقد الإنتاج الدرامي التلفزيوني وربما يكررون ما ينتقدونه بطريقة ما!
وفي المقابل، كان البعض يعول على أن توقف الدراما السورية عن الإنتاج في السنتين الأخيرتين، يمثل فرصة للدراما الخليجية في أن تستحوذ على السوق، طبقا للزميل عبدالوهاب العريض في الشرق أمس، ولكن هذا لم يحدث، وهنا أذكر العزيز العريض بأن الدراما السورية كانت تنهض على تواصل الأدب مع الإنتاج، بدءا من نهاية رجل شجاع في التسعينيات، الذي اتكأ على نص الروائي حنا مينة، أو كتابة سيناريو العمل مباشرة من قبل مبدع على نحو تجربة الشاعر والمسرحي ممدوح عدوان في الزير سالم مثلا، أو كتابة الدكتور وليد سيف لنص مسلسل عمر. في الخليج، العلاقة منقطعة كليا بين الأدب والعاملين في إنتاج الدراما بل قد تكون الكارثة إذا ما علمنا أن جل هؤلاء العاملين لا يقرؤون! بما يمكن أن يخلق هذه العلاقة، ولو بينهم وبين النص، لا الكاتب. ولنا في التجرية المصرية اللافتة هذا العام، نموذجا، حين حولت السيناريست مريم نعوم روايتي ذات لصنع الله إبراهيم إلى مسلسل درامي، وموجة حارة، المأخوذ عن رواية أسامة أنور عكاشة منخفض الهند الموسمي، متكئة على خلفية أدبية فهي ابنة الروائي نبيل نعوم.
وإذا كان صنع الله يوصف بأنه (كاتب تسجيلي، ورواية ذات بالتحديد تحوي الكثير من الصفحات المأخوذة من صحف السبعينيات والثمانينيات)، فإن مريم تقول: استوحيت روح التوثيق من الرواية، ولكنني لم أستخدم ما بها من توثيق. الرواية معتمدة على توثيق تفاصيل قد يكون الحصول على معادل بصري لها أمراً مستحيلاً، بينما أنا فضلت توثيق الأحداث الأهم والأكبر لأنها تتناسب أكثر مع المسلسل، ولأنها توصل فكرتي بسلاسة. في الحلقات الأولى كان لديّ الوقت، فكنت أبحث بنفسي. بعد قليل اكتشفت أن من المستحيل أن أستمر وحدي على مدار الثلاثين حلقة، فاستعنت بباحث متخصص راجع بحثي وأكمله، بما تتضمنه كلمة بحث من معان مختلفة، تاريخي وفني واجتماعي، الأحداث السياسية، وتواريخ عرض أو إذاعة الأفلام والأغاني، بالإضافة للبحث الاجتماعي بالطبع.
عندما يتوافر في الخليج، سيناريست بهذا المستوى من الرؤية والوعي، وشركات إنتاج تدرك عمق هذا الوعي، يمكن أن تتغير دراما الخليج.