عندما حلم هتلر بأن يحتل العالم، لم يكن ينطلق من نزعة عنصرية فقط، بل كان يعتمد على قناعته الشخصية بأن العرق الآري، الذي تنحدر منه الأمة الجرمانية لديه قدرة على التفوق بفضل جيناته العقلية على جميع الأمم الأخرى، التي آمن هتلر وأتباع حزبه النازي أنهم بشر أدنى مستوى وأقل قدرة وقدرا.
في ألمانيا، حيث أقضي بضعة أيام مع زوجتي تنقلنا بين عدد من المدن واختلطنا مع البشر مندفعين بفضول الإعلاميين الذي في داخلنا، نسعى بذلك لاكتشاف بعض أوجه هذا البلاد، والتي طالما سعى إليها الناس بهدف السياحة والتنقل بين أسواقها ومزاراتها التاريخية والسياحية.
ألمانيا هي الدولة التي تصنع وحدها أكبر قدر من العلامات الصناعية المشهورة في مجال السيارات، فهي تصنع: المرسيدس، والبي أم دبليو، والأودي، والأوبل، والبورش، والفولكس فاجن، والسمارت، والمايباخ، كما أنها الرائدة في صناعة المطابع ولها ريادة كذلك في الصناعات الدوائية وصناعات قطاع الرياضة وغيرها.
هتلر في حلمه الذي لم يتحقق، ربما بالغ في زرع الأنا في نفوس شعبه، الذي كان تواقا لإعادة أمجاده التي فقدها بعد الهزائم التي لحقت به في الحرب العالمية الأولى، وهي الهزيمة التي دفعتهم للتعلق بذلك الحلم، الذي ألحقت برومانسيته الوطنية هلاكا أعقبه عصر تنوير أوصل ألمانيا اليوم لمركزها الصناعي المتقدم عالميا.
كثير من أطياف هذا الشعب الجبار وبفعل رومانسيته الوطنية الهتلرية ـ على ما يبدو ـ لا يمكن أن تتعامل معه كغريب دون أن تشعر بأنه ينظر لك بفوقية ممزوجة بما هو أقسى من ذلك، فيندر أن يساعدك ألماني في حال كنت ترغب في معرفة معلومة، ولا يمكن أن يقدم لك خدمة ما لم تكن مدفوعة، وعليك ألا تتوقع أن تأتي مع خدمته تلك ابتسامة لأنها لن تأتي.
هم صناعيون متميزون بفعل متانة منتجاتهم وجودتها، وبحكم جلافتهم فإنهم فاشلون في مجال الخدمات، فتجد معظم من يعمل في المطاعم والفنادق من الغرباء، تماما كما هو الحال لدينا، نستورد الأغراب للعمل في الخدمات ونحتقر أي مواطن تمرد على نقاء عرقه العربي الأصيل وعمل معهم بفعل الحاجة، أو لأن العمل ليس عيبا، تخاذلنا في أن نتميز في مجال التصنيع لأن الصّناعة في عرف المجتمع ليست عملا يجلب الفخر، وهي من أعمال الضعفاء. أخذنا من هتلر رومانسيته ولم نأخذ من أحفاده تميزهم، وربما هذا هو سبب خسارتنا منهم في كأس العالم قبل أعوام 8/ صفر.