عندما تكون بالقرب من كبري الحاير جنوب الرياض يلفت انتباهك على الفور كثرة الحركة التي تتجه إلى مكان محدد، حيث الأصوات المتنوعة التي تصدر من الموقع، حينها يدعوك الفضول للذهاب إلى مصدر تلك الأصوات، قبل أن تجذب بصرك مناظر مختلفة من سوق يختلف كليا عن باقي الأسواق والمراكز التي اعتاد الزائر أو المتسوق عليها، لأنه يضم بين جنباته أنواعاً وأشكالاً وأصنافاً مختلفة من الحيوانات التي تجذب الكبار قبل الصغار، بأصواتها وأشكالها.. إنه سوق الحمام.
هذا السوق لا حدود له، ويعتبر الوحيد الذي يبيع جميع أنواع الطيور والزواحف وحتى الحيوانات سواء كانت أليفة أو مفترسة، دون قيد أو شرط، فيما ترى البائعين يفترشون الأرض، ومنهم من يقف عارضاً ما جلبته يداه. ولم يكن هذا السوق حكرا على فرد أو مجموعة معينة من الناس، بل للجميع سواء كانوا هواة أو بائعين مختصين، فالكل يستطيع أن يجلب ما يريد ويبيعه.
ويقول مساعد الزومان، أحد بائعي الزواحف ويعد نفسه من أحد هواة صيدها وتربيتها في حديثه لـالوطن، إن هذا السوق يعد من أهم الأسواق التي يعرض فيها كل ما يجول في خاطر أي شخص يأتي إلى هنا من حيوانات وغيرها، لافتاً إلى أن سوق الحمام ليس له قوانين معينة تحضر أنواعا محددة، وأن صيد الزواحف بشتى أنواعها، خصوصا الضبان من أهم هواياته التي عشقها منذ أن كان في سن المراهقة، حيث كان يصطادها أثناء الرحلات البرية مع الأصدقاء. وأضاف أنه لجأ إلى بيعها من أجل الربح المادي الذي أجبره على التخلي عن هواية جمع الضبان التي كانت من أبرز أولوياته فيما مضى من الأيام، مؤكداً أنه لم يصله أي تعميم بمنع صيد الضبان أو المتاجرة بها، وتابع أبيع الضبان منذ فترة طويلة ولم أجد صعوبة في جلبها أو بيعها، حيث تنتشر بكثرة في وسط وشمال المملكة.
وأوضح أبو جمال، أحد البائعين الهواة، أن عمره في السوق لا يتجاوز السنوات الخمس، وليس له محل مصرح وإنما يلجأ إلى افتراش الأرض، وعرض ما يجلب من الحيوانات متى شاء، وكيف ما اتفق، مبيناً أن الحيوانات التي يبيعها عبارة عن أصناف متنوعة على حسب الموجود والذي يتحصل عليه أولاً أثناء رحلته، فلا شيء محددا يُجلب، على حد قوله. وبين أن المكسب المادي هو الذي شجعه على امتهان هذه المهنة، عوضا عن عمله الأساسي. وتعتبر أيضا مهنة مسلية، لأنها تجذب جميع الأعمار من الرجال والأطفال، وحتى في بعض الأحيان ترى النساء يأتين للشراء والتمتع بالنظر إلى الحيوانات الأليفة، متمنياً أن تهتم الجهات المختصة بهذا السوق بشكل أكبر وتنظمه بحيث يكون لكل فئة من الحيوانات قسم مخصص، إضافة إلى العناية بنظافته بشكل أكبر، لكونه السوق الوحيد الذي يهتم ببيع وشراء الحيوانات بشكل واسع.
وفي السياق نفسه، أكد بعض رواد هذا السوق أن قرار منع صيد الضبان أو بيعها لم يصل إليهم بشكل رسمي، وأنهم فقط يسمعون ذلك عن طريق بعض الزائرين الذين يخبرونهم بوجود قرار أو تعميم بهذا الشأن، مبينين أن القرار لم يصلهم حتى الآن.