تخيلوا طبيبا جراحا يشترط ألا يكون مرضاه إلا من الرجال فقط؛ ويرفض علاج المرأة خوفا من الاختلاط أو الفتنة

تخيلوا طبيبا جراحا يشترط ألا يكون مرضاه إلا من الرجال فقط؛ ويرفض علاج المرأة خوفا من الاختلاط أو الفتنة؛ كيف هو الموقف منه وهو يرفض علاج المريضات بهذه الحجة! قد يقول القائل: لديه الحريّة ما دام هناك غيره! لكن من يسأل يعرف جيدا تمايز الأطباء فيما بينهم؛ كما أن هذا العمل إنساني بالدرجة الأولى لا يقبل أن يمارس صاحبه أي نوع من التمييز أثناء عمله؛ والإعلامي لا يقل عمله أهمية عن عمل الجرّاح؛ والموقف ذاته يكون حين يرفض الإعلامي استضافة المرأة بهكذا حجة؛ فإن كان الأول يجري عملياته على الجسد لتخليصه من مصادر الألم كالأورام؛ فالإعلامي يجريها على وعي المشاهدين ويخلصه من الأفكار المتورمة؛ وكما الجرّاح مطلوب منه أن يكون محايدا لا يُمارس التمييز بين مرضاه؛ فالإعلامي من أهم شروط عمله أن يكون مع ضيوفه على اختلافهم ويمنحهم ذات الفرصة وإلا بات عمله مما يعزز الأورام في الوعي.
صحيح أنه مع الانفتاح الإعلامي برزت لدينا قنوات مؤدلجة تلغي حضور المرأة من خارطتها البرامجية؛ لكن هذا يعود إلى سياسة تلك القنوات المخلصة في توجهها؛ والمؤسف ظهور برامج بذات التوجه تمارس التمييز ضد المرأة لتكون للرجال فقط في قنوات منفتحة ليست راديكالية؛ فهذا يعتبر شذوذا إعلاميا؛ وأتحدث بشكل خاص عن برنامج في الصميم ولقاء الجمعة للفاضل عبدالله المديفر؛ ولا أنسى برامج الفاضل فهد السعوي؛ هذان الإعلاميان من المميزين في حضورهما؛ لكني لم أر يوما استضافتهما لامرأة! لدرجة اللجوء إلى تكرار الضيوف بعد أن تنتهي القائمة المفضلة! وهذا يعود إلى توجههما المتحفظ؛ وأحترم ذلك لكن بما أنهما يمارسان عملا يُقدم لوعي المشاهدين والمشاهدات في قنوات ليست راديكالية يتوجب عليهما خروجهما من الصندوق! خاصة أن الفكر الديني والاجتماعي والسياسي لا يخص الرجل فقط! وممارسة هذا التمييز الإعلامي تجاه المرأة إهانة لعقلها وفكرها ووعيها بما تفضل الله به عليها؟! أم أن هذه البرامج تأتي تحت عنوان للرجال فقط أسوة بما يقدمه الإعلام التقليدي للمرأة باسم المطبخ والأسرة! رغم أن الأسرة رجل وامرأة وحتى المطبخ أصبح أشهر المحسوبين عليه إعلاميا رجال!
ما أود قوله؛ إن الإعلام والثقافة والفكر الديني والاجتماعي بكل أطيافه هو التكامل الذي يعني التوازن ولا يكون إلا برجل وامرأة معا! وحين يقوم الإعلام بتخصيص برامج ذات وزن فكري وديني للرجل فقط وبرامج أخرى للمرأة تُعنى بالجسد والقشرة؛ فهذا اختلال خطير في الاستراتيجية التنموية الإعلامية؛ يُعزز في وعي المشاهدين والمشاهدات سلبيا ويتم إفرازه تمييزا على أرض الواقع! والمؤسف يقوم به إعلام محسوب على التنوير التنموي دون وعي أنه يدفع المجتمع لأن يمشي أحول إلى الأمام!
أخيرا؛ أعتب على الزملاء الأفاضل ممن يقصون المرأة في برامجهم؛ فدورهم كما الجرّاح الماهر إنساني وأتمنى خروجهم من الصندوق؛ ليقدموا لنا إعلاما متكاملا متوازنا بلا تمييز.