قصة ممتدة لنحو 30 عاما، تحكي تحول الأرض الجرداء إلى جنان خضراء مثمرة، تحتل نحو 35 ألف هكتار شمال مدينة تبوك، حيث تقع شركة تبوك للتنمية الزراعية تادكو والتي تعتبر من أكبر الشركات الزراعية على مستوى الشرق الأوسط، فيما تتنوع منتجاتها الغذائية الحبوب والبذور، إضافة إلى العديد من أنواع الخضار والفواكة والأعلاف، محققة بذلك نهضة زراعية شاملة حولتها لأن تكون سلة فاكهة المملكة ومستودع أمنها الغذائي.
ومرت الشركة خلال عقودها الثلاثة بخطوات تطويرية مستمرة شملت السياسات والخطط والأنظمة أدت في مجملها لتحسين الأداء التشغيلي لأنشطة الشركة ونتائجها المالية، فيما بادرت الشركة بعد احتفالها بعيدها الفضي في نوفمبر 2008 إلى توثيق مسيرتها التاريخية إعلاميا، خصوصا بعد أن أصبحت معلما اقتصاديا بارزا في تبوك، يحرص على زيارتها العديد من الضيوف والوفود الرسمية لتكشف لهم جانبا من النهضة الزراعية في المملكة.
العمل وفق خطط استراتيجية
وحرصت تبوك الزراعية على العمل وفق خطط استرتيجية بدأتها 2001، فيما تنفذ حاليا خطتها الإستراتيجية الخمسية للسنوات 2011-2015 بغرض التعامل الإيجابي مع قرارات الدولة بتخفيض الدعم لسلعة القمح، واستهدافا لاغتنام الفرص السوقية التي تتيح النمو والاستمرارية المستقبلية للشركة. حيث ابتدأت مسيرة التخطيط الاستراتيجي بخطط ثلاثية (2001-2003)، و(2004-2006)، و(2006-2009) وانتهت إلى الخطة الخمسية الحالية (2011-2015) للتجاوب مع سياسات الدولة في تقليل وترشيد استهلاك مياه الري، وحث المنتجين بتقليل مساحات الأعلاف الخضراء، والتوجه إلى تصنيع الأعلاف المركبة، داعمة ذلك بحزمة من مدخلات الإنتاج المستوردة.
والتزاما بسياسات وتوجيهات الدولة لتقليل مساحات المزروعات المستهلكة للمياه والتركيز على المحاصيل غير المستهلكة للمياه كالخضراوات والفواكه واستجابة لمبادرة الملك عبدالله للاستثمار الزراعي السعودي في الخارج أعدت الشركة خطة استراتيجية عشرية (2013-2022) موازية لاستراتيجيتها الخمسية (2011-2015) لتطوير نشاطها الإنتاجي داخليا وخارجيا بما يضمن استمراريتها المستقبلية ويعظم من القيمة الاقتصادية للمساهمين حيث تدرس الشركة حاليا عن طريق بيت خبرة مالي إمكانية زيادة رأس المال لتنفيذ هذه الخطة.
رسالة تتمسك بالجودة
وتتمسك الشركة في رسالتها بإنتاج ذي جودة عالية تلبي به احتياجات العملاء في الأسواق الاستهلاكية والصناعية، فيما نحافظ على التزامها بالمسؤولية الاجتماعية النشطة، والتقليل من استهلاك المياه والامتثال التام بنصوص وروح القوانين السارية في المملكة، حيث التزمت الاستراتيجية الخمسية الحالية للشركة بتقليل مساحات القمح وفقا للحصص السنوية المخصصة من المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق، وخفض مساحات الأعلاف الخضراء إلى الحد الأدنى الذي يسمح بوجود دورة زراعية للمحاصيل الحقلية، والتركيز على التوسع في مساحات الفاكهة، حيث تعتبر تبوك الزراعية الشركة الأولى في إنتاج الفاكهة (من أنواع وأصناف الفاكهة ذات النواة الحجرية والعنب والكمثرى) على مستوى المملكة، والتوسع في إنتاج أصناف البطاطس التنصنيعية، حيث تعتبر الشركة المصدر الرئيسي لتوريد أصناف البطاطس التصنيعية الى شركات تصنيع البطاطس والمواد الغذائية في المملكة.
وقامت الشركة بدعم هذا التوجه الاستراتيجي بتوسعة كبيرة في مستودعاتها المبردة (لمنتجات الفاكهة والخضار) بإنشاء مستودع جديد للبطاطس والبصل بطاقة تخزينية 15 ألف طن، بتقنيات تبريد حديثة ومنظومة آلية متكاملة من معدات المناولة والفرز والتدريج، حيث اكتمل تشييده وبدأ العمل به منتصف 2012 وبذلك بلغ إجمالي الطاقة التخزينية المبردة لتبوك الزراعية أكثر من 30 ألف طن وهي الأكبر على مستوى الشركات الزراعية المساهمة بالمملكة وتمثل أحد الموارد التنافسية الهامة للشركة غير المتاحة للمنافسين الآخرين في المنظور المستقبلي القريب.
نمو متسارع.. وشهادات دولية
وأثمر هذا التطور عن نمو في شبكة العملاء داخل وخارج المملكة، لما تحظى به منتجات الشركة من سمعة طيبة في الأسواق داخليا وخارجيا وهي سمعة مدعومة بشهادات هيئات الجودة المحلية والعالمية، حيث حازت الشركة منذ قرابة العشرة أعوام على علامة الجودة للعسل وعلامة الجودة لزيت الزيتون ومنذ 2009 على شهادة سلامة الغذاء (آيزو 22000:2005) وأثمر التطور في أنشطة الشركة باستمراريتها في تحقيق نتائج مالية مجزية مكنتها من الوفاء بالتزاماتها تجاه حملة الأسهم، حيث دأبت ومنذ تأسيسها في 1983 على توزيع أرباح أسهم بشكل منتظم عاما بعد عام وفقا للنسبة المنصوص عليها في النظام الأساسي للشركة، حيث بلغ حجم أرباح الأسهم الموزعة منذ تأسيس الشركة إلى تاريخ 31/ 12/ 2011، 402 مليون ريال (ما نسبته 201%) من رأس المال المدفوع.
وصاحب هذا التطور سعي الشركة لتوطين الوظائف، حيث بلغت نسبة سعودة الوظائف 13% وتسعى لرفعها إلى نسبة 25% بانتهاء فترة الاستراتيجية الخمسية (2011-2015)، كما تخطط الشركة خلال 2013 إلى توفير فرص وظيفية للعمالة النسائية في مجال فرز وتدريج وتعبئة منتجات الفاكهة والخضار وتوفير بيئة العمل المناسبة لهن.
استثمارات دولية
وحرصت تبوك الزراعية على أن تواكب نموها بنشاط الاستثمار الخارجي الذي بدأ 2007 حيث بادرت الشركة بالتحالف مع مستثمرين سعوديين إلى تأسيس شركة جنات للاستثمار الزراعي برأسمال 63 مليون ريال كشركة مساهمة محدودة والتي تبلغ نسبة مساهمة الشركة فيها 27,77% (كأكبر مساهم) ثم أعقب ذلك تأسيس شركة شرق آسيا للاستثمار الزراعي في فبراير 2011 وهي شركة مساهمة مقفلة تحت التسجيل حاليا برأسمال مدفوع بالكامل 70 مليون ريال، والتي تبلغ نسبة مساهمة الشركة فيها 25,57% (كأكبر مساهم).
وتتولى تبوك الزراعية مسؤولية الإشراف الإداري على تنفيذ مشروعات هاتين الشركتين، حيث يتركز نشاط شركة جنات حاليا في جمهورية مصر العربية إذ استحوذت الشركة على شركة رخاء الزراعية التي تدير مشروع زراعي بشرق العوينات لإنتاج الحبوب والأعلاف ويتم تصدير فائض إنتاجه من الأعلاف للمملكة، ويشمل مجال عمل شركة شرق آسيا الاستحواذ والمشاركة في الشركات الزراعية في دول شرق آسيا بغرض إنتاج وتصدير الأرز إلى المملكة، وفي دول شمال أفريقيا بغرض تصدير منتجات الزيتون والحمضيات إلى أسواق المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، وتشمل المشروعات التي ستديرها شركتا جنات وشرق آسيا مشروعات استثمارية بالمملكة المغربية لإنتاج الزيتون وتصنيع مواد التعبئة للمواد الغذائية المعلبة، وكذلك المساهمة مع الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي في تنفيذ مشروعات إنتاج غذائي متنوعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في الوطن العربي.
التزام بالمسؤولية الاجتماعية
تحرص تبوك الزراعية على الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية من خلال التزامها بسياسات الدولة الرامية إلى ترشيد استهلاك المياه الجوفية، وسعيها الدؤوب إلى توطين الوظائف بالتعاون مع الجهات الحكومية ذات الصلة في هذا المجال، والمحافظة على صحة المستهلكين بالاهتمام بسلامة الأغذية التي تقوم بإنتاجها وإنتاج سلع طبيعية عن طريق تقنيات وأساليب زراعية صديقة للبيئة، وتنفيذ برامج التدريب التعاوني لمنسوبي القطاعات الحكومية الزراعية، والتدريب الوظيفي لطلاب الجامعات والتدريب الصيفي لطلاب المدارس، كما تدعم برامج البحث العلمي لأساتذة وطلاب الجامعات، وكذلك الدعم المادي لفعاليات وبرامج المرافق الحكومية والجمعيات الاجتماعية والدينية.
كما تساهم الشركة في تنشيط الدورة الاقتصادية بالمنطقة من خلال الاعتماد على الموردين الوطنيين في توفير المدخلات ووسائل وتقنيات الإنتاج، وعبر توفير مجالات العمل لوسائط النقل، إضافة لعمليات الإنتاج والتبادل والاستهلاك للسلع المتنوعة التي تقوم الشركة بإنتاجها، والانعكاسات الإيجابية لذلك كله على الاستقرار والأمن الاجتماعي بالمنطقة.