ليس من قبيل الصدفة أن أول اتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين لاستئناف محادثات السلام جاء بعد أن ضغط الاتحاد الأوروبي بقوة إلى جانب القانون الدولي على إسرائيل، والحقيقة أن واشنطن لم تستطع إلغاء القرار
في 15 يوليو، هزت موجة عنيفة مراكز قوى الصهيونية في واشنطن وتل أبيب حين نشرت المبادئ التوجيهية للاتحاد الأوروبي بخصوص الكيانات الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية المحتلة. مصادر مطلعة في واشنطن أكدت تقارير في صحيفة هآرتز الإسرائيلية بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سارع بالاتصال بوزير الخارجية الأميركي جون كيري وطالبه بأن يضع حدا للعمل الأوروبي.
لكن المارد كان قد خرج من الزجاجة، ولم تستطع واشنطن أن تصحح الأمر. هذا هو الجزء من المبادئ التوجيهية الذي جعل نتنياهو يشد شعره الباقي:
المناطق المحتلة من قبل إسرائيل منذ 1967 تشمل هضبة الجولان، قطاع غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.
الاتحاد الأوروبي لا يعترف بسيادة إسرائيل على أي من المناطق المشار إليها في النقطة الثانية ولا تعتبرها جزءا من الأراضي الإسرائيلية، بغض النظر عن وضعها القانوني تحت القانون الإسرائيلي المحلي. الاتحاد الأوروبي وضح أنه لن يعترف بأي تغييرات لحدود ما قبل 1967، باستثناء تلك التي يتم الاتفاق عليها بين الأطراف في عملية السلام في الشرق الأوسط... الفقرة ج شروط أهلية الكيانات الإسرائيلية. بالنسبة لمكان إنشاء الكيانات الإسرائيلية:
(أ) في حال المنح والجوائز، أي كيان إسرائيلي يكون مكان إنشائه ضمن حدود إسرائيل ما قبل 1967 سيتم دراسة أهليته.
(ب) بالنسبة للأدوات المالية، الكيانات الإسرائيلية التي يكون مكان إنشائها داخل حدود ما قبل 1967 هي فقط تعتبر مؤهلة كمستلم نهائي.
بعض المراقبين في واشنطن يتساءلون: لماذا لم يتصل نتنياهو بأوباما مباشرة للإعراب عن غضبه؟ لماذا كيري فقط؟ ذلك السؤال سيجاب عليه في الوقت المناسب، لكن يكفي القول إن بعض اللاعبين الرئيسين في أوروبا ليسوا مستعدين للرضوخ لواشنطن بعد كشف الرقابة الكبيرة على أقرب حلفاء واشنطن من قبل وكالة الأمن القومي الأميركية. وأوباما ليس مستعدا لخوض معركة مع نتنياهو عندما يكون تحت النار من عدة اتجاهات في الولايات المتحدة.
مهما حاول أوباما وكيري، فإنهما لن يستطيعا الفصل بين السياسة الخارجية والصراعات والفضائح التي يواجهانها في الداخل الأميركي. في الأسبوع الماضي، على سبيل المثال، دعا قائد سياسي ألماني بارز من الحزب الأخضر إلى إرسال وفد ألماني رسمي لمقابلة إدوارد سنودن، الذي سرب قضية تجسس أميركا على حلفائها، حول برنامج التجسس. بعد ذلك تراجع رئيس الوزراء البريطاني عن وعده بتسليم أسلحة إلى المتمردين السوريين. مرة أخرى، لم تكن واشنطن سعيدة. هذه القضايا لا علاقة لها بالإسرائيليين والفلسطينيين، لكنها تعكس المزاج الدولي الذي لا يثق بواشنطن ولا يحترمها.
لكن ليس من قبيل الصدفة أن أول اتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين لاستئناف محادثات السلام جاء بعد أن ضغط الاتحاد الأوروبي بقوة إلى جانب القانون الدولي بما يتعلق بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وحقيقة أن واشنطن لم تستطع إلغاء القرار. كان نتنياهو محبطا وخائفا إلى حد ما، وأقنع كيري رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وست وزراء خارجية على الأقل من دول عربية قررت مساعدة كيري، لاختبار أثر حركة الاتحاد الأوروبي.
هذا لا يعني أن المبادئ التوجيهية الأوروبية هي انتصار. الخطوات التي تم اتخاذها قليلة ومتأخرة. يجب أن تكون هناك مقاطعة أكبر ضد إسرائيل بسبب جرائم الحرب التي ارتكبتها ضد الفلسطينيين وغيرهم من غير اليهود داخل حدود 1967 وفي المناطق المحتلة.
هذه العقوبات ضد إسرائيل من قبل المجتمع الدولي بدءا بالمجتمع الدولي قد تكون الخطوة القادمة. في إبريل 2013 تم تسليم رسالة من مجموعة الشخصيات الأوروبية البارزة حول عملية السلام في الشرق الأوسط إلى مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون جاء فيها أن أي محاولة لإحياء أو استئناف عملية أوسلو غير ممكنة دون الرفض التام لادعاءات إسرائيل بأن الوقائع على الأرض تخولهم الاحتفاظ بأراض فلسطينية تمت سرقتها ما وراء حدود 1967 باسم المستوطنات.
رسالة أبريل 2013 والمبادئ التوجيهية التي صدرت في 15 يوليو 2013 من الاتحاد الأوروبي كانت إنذارا ليس لنتنياهو بل لأوباما وتوني بلير، الذي يسمى مبعوثا للرباعية، والذي منع تقريبا من دخول الأراضي الفلسطينية لأن الفلسطينيين يرونه مجرد محام لإسرائيل.
هذه التطورات في الاتحاد الأوروبي هي الاتجاه الذي يجب أن يتحرك المجتمع الدولي نحوه لإجبار إسرائيل على دخول المفاوضات بجدية. لا شيء غير ذلك سيكون مفيدا، وجون كيري يعرف ضمنا أن هذا صحيح، لكنه يعرف أيضا أنه محدود في ما يمكن أن ينجزه. سوزان رايس، مستشارة الأمن القومي للرئيس أوباما، من بين الأكثر تشددا من سفراء أميركا في الأمم المتحدة. في خطاباتها وأعمالها في الفترة بين 2009-2013 خلال عملها كسفيرة في الأمم المتحدة، كانت رايس معادية للفلسطينيين مثل جون بولتون. الآن في البيت الأبيض، تستطيع رايس بسهولة تجاوز أي شيء يعد به كيري الفلسطينيين، وأوباما يبعد نفسه عما يفعله كيري.
هذا ليس موقفا مشجعا وهو مؤشر للاتحاد الأوروبي والعالم الذي صوت لقبول دولة فلسطين في الأمم المتحدة بأن يزيدوا الضغط على إسرائيل.