البعض يشعر بالاستفزاز عندما أعبر عن رفضي لما يحدث من تمزيق متعمد للعالم العربي وتداعيات الأحداث لأختصره بجملة واحدة هي عكس وصف الربيع بأنه جحيم، وذلك حتى تتحسن الأوضاع فيصبح ربيعا حقيقيا يقر الناس به، جحيم هي مفردة تعبر عن واقع معاش وليست مجرد انطباعي ووجهة نظري الشخصية فقط بل لأن الواقع الذي يعيشه الإنسان العربي في تلك الدول، كان سيئا للغاية وبات أسوأ. فهل لأن لدينا أملاً في غد أفضل يحجر علينا تسمية الأمور بمسمياتها ورفض تجميل القبيح وتزييف الواقع..!
أتناول هذه الزاوية من واقع الدول المنكوبة اقتصاديا وإنسانيا، وضربها الزلزال العربي بمناسبة استطلاع صدر الأسبوع الماضي من مركز الشفافية الدولية، العالمي غير الحكومي.. استقصاء يرصد الفساد المتفاقم في معظم الدول العربية منذ عام 2011. رغم أن الغضب على فساد المسؤولين هناك يقدم لنا في قالب الزعم والادعاء بأنه سبب رئيس في تفجير الثورات، وبالتالي يفترض بعد عامين وخوض تجارب الديموقراطية أن تأتي نتائج الاستطلاع مبشرة، الواقع أنها مخيبة للآمال.. مع تحفظي على رقم العينة الذي لا يكفي للخروج بهذه القناعة واكتفاء المسح الاستطلاعي برأي نحو1000 شخص في كل دولة في الفترة ما بين سبتمبر ومارس 2013.
في مصر وتونس واليمن شعر غالبية المشاركين في الاستطلاع أن مستوى الفساد زاد خلال العامين الماضيين.. وقال 64% من المستطلعة آراؤهم في مصر: إن الفساد ازداد فيها، وبلغت النسبة 80% عن الفساد في تونس.. وفي ليبيا قال 46% إن البلاد أصبحت أكثر فسادا. في لبنان قال 84% إن الفساد زاد خلال العامين الماضيين، وفي العراق تفاقم الفساد بنسبة 60%.
وسط أجواء الجحيم الذي زاد الفساد، أتطلع إلى وعي ومصداقية وإدراك النخب العربية أن واقعنا يحتاج رؤيتهم الخلاقة ومشاركتهم وحراكهم الإيجابي، الذي يحمي المنطقة ويسهم في حقن الدماء، حتى تنخفض معدلات الفساد.. الملاحظ للأسف هو دورهم السلبي جدا وعدم اعترافهم بأنهم مساهمون بأطروحاتهم وآرائهم وتوجهاتهم التي قد لا تخدم المصلحة العامة والمرحلة الملتهبة.