د. جرمان أحمد الشهري

لا حديث هذه الأيام إلا عن الأخطاء الطبية لوزارة الصحة، الحديث بأنواعه .. المجالس، الصحف، الفيسبوك، تويتر، الواتس أب.. جميع وسائل الاتصال المباشرة وغير المباشرة تتحدث وتعلق وتتألم لما آلت إليه وزارة الصحة من تدهور في الأداء ومهزلة في تبرير الأخطاء!
هل يعقل أن تتفاخر وزارتنا المبجلة بالريادة والتميز في عمليات عالمية، ثم نفاجأ من قبلها من الناحية الأخرى بحقن الدماء الملوثة للأطفال الأبرياء! أي تناقض هذا؟
إن ذلك العمل المتناقض لا يمكن أن نستوعبه كمواطنين إلا في حالة واحدة فقط.. ألا وهي، إذا كانت الوزارة تعاني من عجز مالي فعندئذ لن نلوم وزارة الصحة بل سنصبر ونحتسب ونقول هذا قدرنا والجود من الموجود.. لكن أن تكون بلادنا بخير وحكومتنا تخصص لقطاع الصحة ميزانية هائلة ثم لا تحسن وزارة الصحة عملية تخزين الدم في مختبراتها وفحصه قبل تخزينه للتأكد من خلوه من الأمراض فتلك والله كارثة!
نحن نعلم علم اليقين أن الأخطاء الطبية ممكنة في جميع مستشفيات دول العالم المتحضر ولكنها ليست بحجم وعدد وطبيعة أخطاء مستشفياتنا، ونعلم أيضا أن الخطأ الطبي في الدول المتقدمة يقابل بإجراءات نظامية لإيقاع العقوبة الصارمة على المتسبب في الخطأ، أما نحن فبكل بساطة نرمي أخطاءنا الطبية على القضاء والقدر ونستعطف الناس حتى نتنصل من المساءلة، وإن حضرت المساءلة فيا لها من مساءلة حاسمة تولت زمامها لجان طبية (منهم وفيهم) لتكون وزارة الصحة هي الخصم والحكم! وهنا تكمن المشكلة، فلو طبقت أنظمة العقوبات والتعويضات التي تطبق في بقية دول العالم لكانت صحتنا بخير، ولكن من أمن العقوبة أساء الأدب.. دعوة صادقة عبر هذا المنبر الإعلامي بغربلة وزارة الصحة وإخضاعها للرقابة والمساءلة القانونية الصارمة، فحياة الناس لا تقدر بثمن، ووزارة الصحة هي المؤتمنة بعد الله على صحة الناس وحياتهم.