ميزة أفلام عادل إمام أنها رصد دقيق لمراحل مصر السياسية مرحلة مرحلة؛ بدأها بفيلم شهير مثل باكورة سينما النقد السياسي في بداية الثمانينات هو إحنا بتوع الأتوبيس غير أن مثلثه الفني مع السيناريست وحيد حامد والمخرج شريف عرفة الذي أنتج مجموعة أعمال خلال التسعينات كـالإرهاب والكباب واللعب مع الكبار وفيلمنا الذي نحن بصدده طيور الظلام، شكلت أعمالا إشكالية شديدة الشجاعة في مواجهة ظواهر كالإرهاب والتطرف وفساد الأجهزة الرسمية وتفكيك أسبابها.
اتهم وحيد حامد بالشخصنة عندما عرض الفيلم، وقيل إنه كان يصفي حسابا مع منتصر الزيات ومختار نوح، وهما أشهر من تولى الدفاع عن المتهمين بقضايا الإرهاب، غير أن المهم في العمل هو توصيف العلاقة بين النظام والإخوان، والتفاهمات المشتركة واللعب على حبال المصالح المتحركة، حتى وإن بدا المشهد العام متنافرا ومتصادما؛ إذ يمثل الطرفان صديقين يعملان في المحاماة، أولهما انتهازي متسلق يستطيع بألعابة القذرة الوثوب إلى المنصب والثراء، بينما الآخر ينخرط في انتمائه الحزبي ويصعد في الرتب التنظيمية بسبب توليه الدفاع عن أفراد الجناح المسلح أمام القضاء، وفي الأخير يُسجن الاثنان بسبب انكشاف الغطاء عن الأول وسقوط الراجل بتاعه، فيما يتورط الثاني في التستر على خلية مسلحة, غير أن اللقطة الفارقة تكمن في نهاية الفيلم، حين يركض الاثنان نحو كرة قدم ملقاة في باحة السجن خلال فترة التريض، ليركلاها في الوقت ذاته باتجاه الشاشة التي تتحطم بفعل الركلة المشتركة بين الانتهازي المتسلق والحزبي الإخواني. طبعا الشاشة هي الناس والمسألة برمتها تبادل أدوار ورقعة شطرنج مصلحية متفق عليها، كرة قدم سياسية بامتياز يعرف كل طرف فيها ملعبه والمساحات الممنوحة له، ويدرك أن العلاقة الوازنة عدم طغيان طرف وتفرده بالأمر وحيدا.. أحيانا يكشف الفن ما لا تقوله المعلومات، بينما تبقى الأعمال الفريدة عالقة في الذهن والخيال لاتفنى ولاتستبدل، ويحتاج تحققها زمنا طويلا كفيلمنا الذي أنتج 1993.