مجتمعنا أصبح عديم التفاؤل يتنفس عدم الرضا كيفما اتفق بتداعيات وحديّة نحو حياتنا ومستقبل وطننا، يقود ذلك مؤخرا ممن 'يعتقدون' أنهم قادة للرأي العام من دعاة ومثقفين ومطبلين

• كثير منا يشتكي من رتابة الحياة ومللها، وكثرة صراعات الحياة نحو كرامتها المأمولة، ولو تأملنا حياتنا المتسارعة، وأزماتنا المتعددة التي تئن بين إيقاع حياتنا من جهة، وممارساتنا التربوية الاجتماعية والأعباء الاقتصادية من جهات أخرى، لوجدنا تمازجا مع انتقال مباشر ـ لم نكن نعد أو نعتد له يوما ـ إلى غياهب حياة مادية زائفة بكل معانيها، مما عكس نتائجها علينا وعلى صحتنا وقوالب تفكيرنا جمودا واحتقانا، لتورث جميعها أنواعا من الكآبة والقلق والاحتقان وأمراض نفسجسمية وأكثر!.
• مجتمعنا أصبح عديم التفاؤل هنا وهناك مع تنفس عميق بعدم الرضا كيفما اتفق، وبتداعيات وحديّة نحو حياتنا ومستقبل وطننا يقودها مؤخرا ممن يعتقدون أنهم قادة للرأي العام من دعاة ومثقفين ومطبلين.. أثبتتها الأحداث ومشاغبات وتطاولات بين الحين والآخر، وعرّتها مواقع التواصل الجديد وأصّلتها، وأصبحت قضيتنا في كل قضية بين تابع مغلوب على أمره ومتبوع ناقم أضاعت تغريداته حتى تسبيح الليل وأدبار السجود!.
• قيسوا درجات الحرارة والضغط لدى اجتماعاتنا ومجالسنا وأحاديثنا، لنجد الناتج احتقانا حد العبث يسيطر عليه الكدر والنظرة السوداوية والقلق من المستقبل بكل آهات الشكوى والزفرات الحرّى مع إصرار يومي بمخالطة من ينقلون لنا تلك الأمراض.. انظروا ماذا يكتسي الملامح والوجوه في كل الزوايا والأماكن، شحنات سلبية هنا وهناك ونحو الآخر، وكسر لمهارات تواصله بدءا من المنازل والشوارع والطرق ومقار العمل من ظلم وتصفية حسابات وشخصنة قرارات وأنفس وتحد وتكبر وخصام مبين.. لتصل بنا وتوصلنا امتدادا إلى منعطفات أكبر من تنافس مضطرد مع أمراض العصر بارتفاع لنسب السكر والضغط والجسدنة وأمراض نفسية أخرى.. سندفع ثمنها كثيرا وإن طال بنا الزمن.
• اقرؤوا إعلامنا كشريك رئيس في كل ما يمر بتناقضاتنا النفسية وبقاعدة ما تكسب به فالعب به، فأصبحت كثير من الصحف ومواقع السواد الإلكترونية متخصصة في جعل الجرائم والأخبار والمصائد السوداء ديدنا لها بقاعدة تسلقيّة اجتماعية وبرجماتية داخلية، حتى غدا مجتمعنا لا يطارد اقتناصا سوى تلك الأخبار كسوق رائج له ولمجالسه واجتماعاته دون انتباه للرسائل السلبية النفسية التي تملأه حد الضجيج في الصحو والمنام!.
• المهارات التواصليّة لم تعد ممارسة ومجدية في عصرنا، فمن مواضع قواعد ذهبية ورثناها دينيا واجتماعيا وكانت ديدنا لمجتمعاتنا الطيبة المتسامحة إلى عادات سلوكية تحتاج إلى تعديل وتدخل فعلا.. فمن الترحيب والاهتمام وحميمية اللقاء من تحية وابتسامة، إلى كدر بغيض وتجهم شنيع يبدأ بالحديث عن الناس بالغيبة والنميمة وتتبع للعورات، بقصد إظهار العيوب وطمس البياض والنقاء، مع انعدام للرؤية سوى من عتمة داكنة فقط وغشاوة تصيب النفس والأمل.
• بكل تجرد من المثالية والزيف الداخلي، يجعلنا ذلك توجبا أن نعيد النظر في ذواتنا وماذا حل بها؟ بل إلى أين سنصل بها؟ وهل أصبح لا وعينا وخرائطنا الذهنية يفترقها التشاؤم والكدر والقلق، أعتقد ذلك، رغم أننا هنا لا نساوم أبدا بحجم الضغوط الحياتية مع وجود قصور ملموس في كل اتجاهاتنا، لكن هذا لا يشفع أن نقف مستسلمين أمام ممارساتنا بجلد الذات والقلق، ليخرجنا ذلك إلى دهاليز من الشكوى والنقد في الغداة والآصال!.
• النفس البشرية وكرامتها تحتاجان لنوع من التوازن والمرونة، فعدوها الأول النكد والكدر، وصديقها ومروضها ممارسة التجديد بالصبر والوعي والقناعة والإيمان الحقيقي، وذلك كله يمدنا بطاقة تسهل علينا مراجعة النفس من أجل صنع أهداف جديدة ووقود متجدد يحملنا نحو حياتنا، تطويرنا، وبناء مستقبل أجيالنا في وطن خالد يبقى لنا نقيا من الشوائب كما ورثناه.