أثبتت قضية تنظرها إحدى المحاكم ضلوع عناصر من 'حماس' و'حزب الله' في قضية الهروب من سجن كان يضم الرئيس مرسي، ومعه 33 من قادة الإخوان

خلال المظاهرات التي حشدت لها جماعة الإخوان المسلمين يوم الجمعة الماضي 21 يونيو، في ضاحية مدينة نصر شرق القاهرة، ألقى محمد البلتاجي، القيادي بالجماعة، كلمة تهكّم فيها على الجيش قائلا: عايزين يعملوا مجلس رئاسي من رئيس المحكمة الدستورية اللي عيّنه مبارك، وعضو مجلس عسكري.. عسكري تاني؟ محدش بقى يتكسف، جربناكم بانتماءاتكم، ففي 5 يونيو ضيعتوا القدس وسيناء والجولان، وبيزعلوا عشان بنهتف إسلامية، ولن نتكلم عن انتمائكم للشيوعية، وهو ما ردّ عليه فورًا مصدر عسكري قائلاً: إن حالة من الغضب تصاعدت داخل الجيش نتيجة تطاول هذا الإخواني.
هذا العنف اللفظي والتهكم على المؤسسة التي تحظى باحترام المصريين من كافة المشارب، لم تنتظر حياله القوات المسلحة طويلاً، لترد على لسان وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي الذي أصدر تحذيرًا قوي الّلهجة أكد فيه أنه لن يقف صامتًا إذا تدهور الوضع وتحول لصراع خلال مظاهرات 30 يونيو، وليس من المروءة أن نصمت أمام تخويف وترويع أهالينا المصريين، والموت أشرف لنا من أن يُمس أحد من شعب مصر في وجود جيشه.
بعدها استدعى الرئيس محمد مرسي وزير الدفاع، وجرى بينهما حوار صرّح إثره المتحدث باسم الرئاسة إن الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ولم يعلق على حديث وزير الدفاع، لافتا إلى أن لقاء مرسي والسيسي تركّز على خطة الجيش لتأمين المنشآت الاستراتيجية، وأن هناك تنسيقًا كاملا بين الرئاسة ووزارة الدفاع.. لكن مصطفى بكري الصحفي المقرب للجيش علق قائلا عندما يُعلن السيسي أن الجيش تجنب الفترة الماضية أن يكون بعيدا عن المعترك السياسي، لكن مسؤوليته الوطنية تحتم عليه التّدخل الآن لمنع انزلاق مصر لنفق مظلم، فأعلم أن الجيش قرر أن يكون صاحب كلمة الفصل، وسيُلزم مرسي بالاستجابة لمطالب الشعب.
ويرى محللون في تصريحات السيسي رسالة مفادها: إما أن تتفق القوى السياسية أو سيتدخل الجيش لصالح الشعب ليحميه من تغول أي فصيل، وهي محايدة تصّب لصالح الشعب، ولا تنحاز للإخوان أو المعارضة، ولا تعني أيضًا مزاعم بعض قادة الإخوان بأنها رسالة لحماية الشرعية، في إشارة لمؤسسة الرئاسة. وفي حضرة الرئيس مرسي خلال مؤتمر نُصّرة الشعب السوري قال أحدهم: إن مَن يرشّ الرئيس بالماء سنرشّه بالدماء، وآخر قال إن الدماء يوم 30 يونيو ستكون للرّكب، وهو ما يُنذر بأن الحديث عن المواجهات الدامية تجاوز مرحلة التلويح، ليدخل حيز التأهب والإعداد.
وبعد عامٍ واحدٍ من تولي مرسي سُدّة الحكم، وانقسام المصريين لفُسْطاطين، تواترت أنباء، وأثبتت قضية تنظرها إحدى المحاكم ضلوع عناصر من حماس وحزب الله في قضية الهروب من سجن كان يضم الرئيس مرسي، ومعه 33 من قادة الإخوان، فلابد أن تؤخذ بجدّية تلك التهديدات بالاستعانة بمقاتلين مدرّبين على حرب الشوارع من حماس بجانب الميليشيات الجهادية لإجهاض المظاهرات المُرتقبة. ولعل هذا ما يفسر رفض قيادة الجيش استقبال خالد مشعل، حين زار القاهرة مؤخرًا، فله دلالاتٍ واضحةً، إثر تسريبات إعلامية مفادها أن الجيش بعث تحذيرًا لحماس بأن أي تسلل عبْر الأنفاق سيُواجَه بكل قوة وحسْم.
تبقى في النهاية معضلتان: الأولى تتعلق بالجدل حول عوْدة الجيش لإدارة مقاليد البلاد، ولو لفترة محددة، وهذا يثير هواجس كثيرين يروْن أن نزول الجيش يقتصر على حِماية المنشآت والشعب، ومنع الاقتتال الأهلي، على أن يترك الحُكم لمجلس رئاسي تشكله القوى المدنية، أو لرئيس المحكمة الدستورية العليا الذي يُدير عملية سياسية محدّدة تُجرى خلالها الانتخابات وِفق المعايير الدولية.
أما المعضلة الأخرى فتتمثل في مدى التوافق على بديل لحُكم الإخوان، بعد مواجهات يكاد يسود اتفاق على أنها لن تكون سلمية في ظل التصعيد المتبادل، وهل سيكون نزول الجيش وعودته لثكناته كما حدث من قبل، أم إن قواعد اللعبة تغيرت هذه المرة؟.. وحده الله تعالى الذي يعلم إلى أين تمضي مصر، وهو المستعان.