هناك نوعان من الناس: الشكاؤون البكاؤون على مساوئ العالم، والمتغلبون بابتساماتهم على مصاعب الحياة.. المحافظون على إيجابيتهم بالرغم من الظروف المعاكسة. لو كان كل إنسان على قدر أكبر من الإيجابية والانسجام لكانت أحوال هذا العالم أفضل بكثير مما هي عليه الآن. من يكره الآخرين سيكرهه الآخرون. عندما يسيء الغير معاملتك، فليس من الحكمة أن ترغب في معاملتهم بالمثل. كل ما يصدر عن الإنسان سيعود إليه إن خيراً فخير وإن شراً فشرّ. هنا يكمن الامتحان البشري. كل شيء يبدأ في العقل. العقل غير المنضبط يخلق الاضطراب. رقصة الحياة والموت لا تتوقف، لكن الإنسان يمتلك المقدرة النفسية للترفع عن كل الاختبارات الحسية وعدم التأثر بتناقضات الحياة. بإمكان الإنسان التغلب على نسبيات الحياة إن هو نظر إلى الأشياء والأحداث نظرة متوازنة. وبذلك يُظهر طبيعته الروحية التي لا يقوى شيء على قهرها والنيل منها. الذين توصلوا إلى هذه المرحلة من الانضباط يعيشون ملوكاً بين الأنام ويتوحدون مع المطلق اللانهائي الذي لا يخضع للتغيير والتبدّل.
إن تعاليم اليوغا الروحية تعالج تفاصيل الحياة بدقة، وتلقن الكيفية التي ينبغي بواسطتها أن يتصرف المرء تحت كل الظروف. الناس مخلوقون على صورة مثالية لكنهم فقدوا التواصل مع تلك الصورة المباركة وعليهم اكتشافها من جديد في باطنهم. ولكي يدرك الإنسان أنه مصاغ على صورة نقية يجب أن يترفع عن الخوف والغضب ويقضي على الحساسية المفرطة. بعض الناس يصعب إرضاؤهم لأنهم مكبَّلون ومثقلون بعادات سطحية وتفاصيل حياتية تافهة، أما صاحب العقل القوي فبإمكانه القول: باستطاعتي اليوم أن أنام على سرير وثير وغداً على الأرض، لأنهما عندي سيّان. وقس على ذلك، هذا الحياد النفسي يدرّب العقل ويجعله يأتمر بأوامرك وينفذ ما تطلبه منه. العقل مخادع للغاية.. ولكنكَ روحٌ أسمى من العقل. فلو قلتَ: لن أسمح لأي إنسان أو لأي شيء بأن يستعبدني، فسيستجيب العقل ما دام الأمر حازماً والإيحاء قوياً. أنت سيد العقل والجسم معاً فلا تكن خادمهما ولا ترقص على أنغامهما. التحرر من عبودية الحس هي الطريقة الوحيدة للسلام والسعادة. ومهما تكن الأحوال والظروف، حاول الترفع عن كل الحساسيات المؤلمة، واجعل نفسكَ سعيداً لأن باستطاعتك ذلك. هذه بعض تعاليم معلم اليوغا الروحية برمهنسا يوغانندا الهندي الحكيم الذي كان شعاره بالحياة أن الإنسان باستطاعته إبراز قواه الروحية الكامنة بواسطة تأمُّل اليوغا والاستقامة في العمل والمعاملة، والحكمة ومحبة الله والإنسان. لم أذكره بداية لأن العقل لديك سيحكم عليه من اسمه ولن تصغي للحكمة التي يرسلها للناس، لأن الكثير تعود على الأحكام المسبقة سلفا، الحكم على الإنسان وفكره من اسمه، من شكله، من ملابسه.. وهذه إحدى سقطات الوعي.