في الأسبوع الماضي، تراجع أحد من أسميهم بمتمشيخي تويتر عن فتواه المثيرة للضحك، التي أعلن فيها حرمة السفر لدبي، فأثنى على قرار تراجعه هذا البعض وانتقد البعض واستمر البعض الآخر في السخرية من القصة من أولها لآخرها.
السبب الذي يدعوني مجددا للحديث عن الموضوع هو كونه فتح على مصراعيها إشكالية القيمة الحقيقية لفتاوى تويتر وهل يمكن اعتبارها في الأساس فتاوى يمكن الاعتماد عليها من جهة، ومن جهة أخرى هل من المنطقي أن يصنف كل من هب ودب ممن رسم ملامحه برسم الدين على أنه شيخ، ويطلق أراء يصبغها بفعل شكله صبغة قدسية؟
وكما أن هناك بعض الانفلات في الآراء والتعليقات بين أوساط الشباب والمتداولين للثقافة الاجتماعية الإلكترونية، فإن هناك انفلاتا يجب أن يوضع له حد بين أوساط من يدعون أنهم حماة الدين، وهم لا يتجاوزون كونهم دارسين لبعض ملامحه، ولكنهم مفتقرون للوعي بحقيقة العالم المعاش اليوم، وتطورات الشعوب ومناهج تفكيرهم وعوامل التعرية التي حدثت للثقافات والمجتمعات والشعوب.
كيف لي أن أثق برأي من يصدر فتوى ثم بعد يومين يتراجع عنها لأن أهل العلم أبانوا له بعض المعلومات التي كانت غائبة عنه بخصوص مدينة دبي وتحديدا فيما يتعلق بمجهوداتها في خدمة الإسلام، كيف لي أن أحترم رأيا يصدر من إنسان (يطير في العجة) ـ كما يقال ـ ويطلق أحكاما مجحفة دون علم، ليلوث بقصور فهمه سمعة شعب وبلد مسلم لأنه اعتمد على وعيه القاصر وفهمه المحدود لبعض مظاهر هذه المدينة، التي ارتقت بأهلها لمراكز حضارية لا يحلم بها لا هو ولا محيطه القابع في الماضي.
إن كان يعتقد البعض بأن عليّ أن أبارك لمثل هذا المتمشيخ قرار تراجعه عن فتواه المضحكة، فإني على النقيض أقول إن من يفتي بلا علم يجب أن يلجم ويمنع من التحدث باسم الدين، فقد أثبت أنه يصدر ما يسميها فتاوى دون علم، وهذا أخطر على الأمة ممن لديه علم ولا يتحدث.
في وقت تم التعامل بحزم مع بعض ممن ترى الجهات الرسمية أنهم تجاوزوا الخطوط الحمراء في كتاباتهم الإلكترونية، فإن تفعيل القرار السامي الذي صدر قبل 3 سنوات تقريبا والقاضي بحظر الفتوى إلا على أعضاء هيئة كبار العلماء، يجب أن يطبق بشكل حازم لكي تتوقف هذه الفوضى التي أنتجها لنا بعض متمشيخي تويتر.