صباح علي الأسمري

أعجبتني عبارة لواسيني الأعرج قال فيها أجمل الغيوم وأحلاها قد تكون فارغة وجافة، وأنا أقول صدقت يا ابن الأعرج، فكم من جمال رأيت داخله فقر أخلاق، وفقر أسلوب، وفقر الظن الحسن، فالحياة مجتمع كبير.. نقابل هذا، ونحادث هذا، ونضحك مع هذا، ونجتمع مع هؤلاء، ونسأل عن هؤلاء، وهكذا نمضي ما دمنا نعيش حياتنا، فنحن في دائرة كبيرة لا نخرج عن إطارها؛ لأننا مخلوقون لتبادل الخبرات والمعارف والمعلومات، في ظل مبدأ أخذ وعطاء والشاهد فيها (الأذن واللسان)، ولأننا من كائن الإنسان الذي هو اجتماعي بطبيعة الحال تحتم علينا أن نكون مجتمعين مع الأهل، أو في العمل مع الزملاء، أو مع الأصدقاء، أو مع الجيران..
ولكن في ظل هذا هل نمتلك المهارات الأسلوبية الكافية؟ وهل نمتلك حُسن الظن؟. قليل جدا من الناس من يمتلك ثقافة الأسلوب المهذب في حديثه.. في سؤاله.. في استفساراته.. وبهذا التهذيب يكون قد صان نفسه من شرخ كان قد يحدثه لنفس شخص آخر وهو لا يعلم أو أنه يتعمد ذاك الشرخ ويعلم!.
حتى إن النظرة في مجتمعنا أصبحت لها أسباب وتفسيرات كسوء ظن في شخص ما! وهم يعلمون أن الإنسان لا يستمر على وتيرة واحدة، ففي يوم قد يمر بضائقة في بيته أو عمله أو مع أصدقائه، فينعكس هذا على ملامحه وحديثه وطريقة جلوسه، فيظنون ممن يجالسونه أن في خاطره شيئا تجاههم، والظن كما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم من أكذب الحديث، وهذه من أغلب المواقف التي مرت علينا، وربما تصدرنا فيها موقع البطولة في الحدث..
هناك مبتعثان عربيان في بريطانيا، يتحدّثان العربية والإنجليزية، كانا يتحدّثان العربية طالما كانا بمفرديهما، وحينما يأتي صديقهما البريطاني يتحولان إلى الإنجليزية، حدث هذا عدة مرات، فتعجب صديقهما البريطاني من ذلك الفعل، فأراد أن يستفسر ويعرف السبب، فقالا له: نهانا نبينا ـ صلى الله عليه وسلّم ـ أن نتحدّث سويا بلغة لا يفهمها ثالثنا، فما كان منه إلا أن قال: نبيّكم هذا حضاري جدًّا!.
أسلم الإنجليزي بعد 6 أشهر، وقد عكف على دراسة الإسلام، وكان من كلامه: أول شيء وقع في قلبي هو ذوق الإسلام في التعامل مع الآخرين.
لدينا دين جميل ياسادة، فلنُحسن ممارسته في حياتنا وتعاملاتنا.
مخرج..
تذكر.. أن الناس تختلف في تفكيرها وطباعها، فما تراه أنت تافها قد يراه غيرك أمرا جارحا، فأحسن أسلوبك.