أتفهم جيداً صراخ المواطنين من وجع أزمة السكن، وارتفاع أسعار الأراضي، وإيجارات الشقق، وتأخر المنح السكنية.. وكل ذلك مقابل الأراضي البيضاء المحتكرة، التي لو أفرج عنها لانتهت الأزمة فوراً.
أتفهم، أيضاً، حنق العرسان الذين سئموا من البحث عن شقة صغيرة تحتويهم، متمنياً ألا يضطروا لابتكار حل شبيه بفكرة عادل إمام في فيلم كراكون في الشارع.
في ذات الوقت، لابد من تقدير أن هذه القضية القديمة لا يمكن أن تحل بين يوم وليلة، ويجب انتظار الحلول التي تقودها وزارة الإسكان.
كل جزء من المملكة يشهد الآن حراكاً جاداً لتوفير السكن، هذا أمر يجب أن نذكره، ويجب أن نتحمل الوقت الذي يستغرقه.
ما أود قوله؛ إن هناك جهات أخرى تقف موقف المتفرج تجاه هذه الأزمة، ولم تبادر حتى اللحظة بالمساهمة في وضع الحلول، رغم أنها المتسبب الرئيس فيها، بشكل أو بآخر.
وزارة الشؤون البلدية والقروية هي المعني في أزمة السكن، قبل أن ينتقل ملفه لوزارة الإسكان، فهي المسؤولة عن توزيع الأراضي، وهي التي وضعت - وما زالت – الاشتراطات الخاصة بإنشاء المنازل، والتي جعلت تكلفة منزل صغير تتجاوز مليون ريال.
يجب أن تبدأ البلديات بمراجعة اشتراطاتها بالتزامن مع حراك وزارة الإسكان النشط، ومن ذلك رفع القيود عن بناء المنازل الاقتصادية بكل أشكالها وأنواعها، بل وتشجيع وتسهيل ذلك، فليس كل مواطن قادرا على البناء وفق الاشتراطات الحالية.
المنازل الاقتصادية، التي تستخدم فيها مواد مثل الخرسانة مسبقة الصنع، والألواح الجاهزة، وغيرها منتشرة في كل دول العالم، وذات تكلفة بسيطة مقارنة بالبناء المسلح.
ومعظم الجهات الحكومية تستخدم المباني الاقتصادية في مشاريع الإسكان الخاصة بها؛ فلماذا لا يسمح للمواطنين بالمثل؟
وزارة البلديات ما زالت صامتة، وكأن الأمر لا يعنيها، رغم كل ما قيل حول عراقيل السكن التي تفرزها اشتراطاتها. من يفسر هذا الصمت؟