نعيش في منطقة يعلو فيها الصوت وينعدم فيها الفعل. يتحرك الناس فيها بالعواطف ويزدرون لغة العقل، يقدسون أهل الشعارات ويتفهون أهل الحسابات في إدارة الدول. السعودية مهما اختلفت معها أو حولها دوله عاقلة لا مكان للاندفاع في سياستها.. كثيرون ينقدون ثقل الحركة وطول الصبر في سياستها في منطقة لا شيء فيها غير الأزمات. عقود مرت تخللتها أحداث كبرى كان موقف السعودية فيها لا يبهر الناس ولكنه يطمئنهم.. لا هتافات أو شعارات.. لا رمي إسرائيل في البحر ولا نصر إلهي.. عملاء منبطحون تابعو الغرب.. وغيرها من المفردات ساقها أهل العنتريات الذين تبين خطأ مواقفهم وصحة موقف السعودية.
سبع سنوات مرت على بيان شجاع للغاية لمصدر سعودي مسؤول يحمل فيه أصحاب المغامرات النتائج المترتب عليها حول خطف جنديين إسرائليين من قبل حزب الله في يوليو 2006، هاجت الدنيا وطالت الألسن واهتم إخواننا العرب بقيادة القاسم وعطوان وغيرهما بالهجوم على البيان والتركيز على خذلان السعودية للمقاومة ومراعاة إسرائيل، وانساق وراءهم بعض أبناء الوطن وذهبوا إلى نقد موقف حكومتهم في قنوات موالية لـحزب الله وإصدار بيانات وإطلاق تصريحات.
مرت الأيام واتضحت حقيقة نصر الله وحزبه جلية واضحة لا تخطئها العين، واتضح أن دول الممانعة هي دول الصراخ في العلن والمصالح مع إسرائيل تحت الطاولة.. الربيع وآثاره كشفت كل شيء.. ولأن السعودية تعودت على الهجوم والشتائم منذ نشأتها فلم تقف كثيرا عند اتضاح صحة وجهة نظرها.. لكني أسأل المكتشفين للحقيقة من أبناء الوطن: ألا يستحق المصدر المسؤول اعتذارا أو حتى اعترافا بصحة الموقف؟
مبهج أن يغير أحد أكبر ناقدي بيان المغامرات من السعوديين موقفه وأن يعتبر خطاب نصر الله طائفيا وأنه عميل إيران، وذلك بعد ست سنوات من وصفه له بالشجاع ميدانيا والمحنك سياسيا.. ومحمود أن يعود القرضاوي لرأي كبار علماء السعودية، ونحمد الله أننا دولة تبني مواقفها على الحق ثم العقل، وليس على ما يطلبه المستمعون.