بعد عشرات السنين من العشوائية وترك الحبل على الغارب، من باب التسامح وعملا بـ قطع الأعناق ولا الأرزاق، لو افترضنا حسن النوايا، رغم أن النوايا لا تحضر في القوانين وأنظمة البلدان، أطلقت وزارة العمل مشروعها المفاجئ، مهلة لتصحيح أوضاع العمالة المخالفة أو الترحيل.
القرار كان شجاعا لكنه يشهد خللا، فما أفسده الدهر لا تصلحه مهلة 3 أشهر، وكانت النتيجة ضغطا هائلا على الإدارات الحكومية المعنية بشكل لا يتصوره موظف أو مراجع، وفوضى عارمة في الجوازات وصلت إلى تمغيط العقل، ثم جاءت حادثة السفارة الإندونيسية وكشفت جانبا من المشكلة.
كلنا مع التصحيح، بل هو ما ننشده وينشده العامل الوافد الذي أمضى سنوات طويلة بلا إقامة ولا كفيل، وإن كان له كفيل فهو لا يعرفه ولا يميز وجهه، لكن الارتجال والمباغتة في التنفيذ أسلوب لا يتناسب مع وزارة تعمل بفريق من المستشارين ولديها من الخبرة ما يعينها على قراءة الموقف وتصور نتائجه.
إدارة الجوازات في الأصل من الإدارات التي يدعو المصلي ربه ألا يقف في طوابير زحامها، وبعد القرار أصبحت مراجعتها قطعة من جحيم، ولك أن تتخيل أن هناك من المصلين أعلاه من يؤدي صلاة الفجر أمام أبواب هذه الإدارة، في سبيل الوقوف في طابور الانتظار، وهناك من ينام في انتظار صلاة الجماعة تحت شبابيك الجوازات.
السفارات والقنصليات ليست أحسن حالا، وإذا تجاوزنا حادثة القنصلية الإندونيسية في جدة كنموذج للفوضى المخلوقة، فسنجد أنفسنا أمام سفارات أخرى يتكدس أمامها الوافدون وهي لم تعد عدتها بالموظفين وساعات العمل، وأخرى مغلقة أصلا، هذا خلافا لفوضى الطيران والترحيل، فماذا فعلت وزارة العمل؟ ببساطة حاولت خلق النظام باللانظام.