الرياض: معيض الحارثي

انشغال 'المراجعين' في أعمالهم يحولها إلى 'مهنة' تدر أرباحا عالية

تحوّلت الشوارع المحيطة بعدد من الدوائر الحكومية المزدحمة بالرياض كالجوازات ومكتب العمل إلى محلات وأكشاك تضم مكاتب للخدمات العامة والتعقيب على المعاملات في مشهد يعكس الإقبال الكبير على هذا النشاط الذي تحوّل إلى بزنس مربح للعاملين فيه بسبب مشاغل المراجعين وارتباطهم بدواماتهم عطفا على طول الإجراءات وازدحام طرق العاصمة التي تتطلب التفرغ التام لإنجاز معاملاتهم وهو ما يتعذّر على العديد منهم فيلجؤون لهذه المكاتب لتفويضها مقابل مبالغ مالية تصل إلى 150 ريالا للمعاملة الواحدة.
وخلال زيارة الوطن لشارع رئيسي محاذ لطريق الملك فهد وبجوار مبنى جوازات الرياض رصدت عشرات المحلات المتخصصة في التعقيب على المعاملات واستخراج التأشيرات وتجديد الإقامات وتسديد الرسوم والتأمين وتعديل المهن، وغيرها من الخدمات المقدّمة للمراجعين وسط وجود قليل للشباب السعودي في بعض المحلات.
ولاحظت الوطن ارتفاع أسعار بعض الخدمات كتصوير الأوراق واستخراج الاستمارات وطباعتها حيث يطلبون 10 ريالات على كل ورقة، وهو سعر اعترف الموظف في أحد المكاتب يدعى عبدالله العنزي بارتفاعه على الزبائن لكنه برره بارتفاع إيجار المحلات؛ حيث يبلغ إيجار المحل الصغير 75 ألف ريال سنويا وهو مبلغ كبير يضطر أصحاب المكاتب لرفع أسعار خدماتهم لتعويضه، مشيراً إلى أن جوازات الرياض تعتبر من أكبر الجهات الحكومية التي تستفيد منها مكاتب التعقيب؛ حيث يفوضهم العديد من العمالة ومن السعوديين غير القادرين على المراجعات المستمرة، ويقوم المكتب بإنجاز معاملاتهم مقابل رسوم تكون في معدّل 150 ريالا لكل معاملة.
وأشار موظف آخر رمز لاسمه بـأبو ربيع أن عملهم في المكتب مربح لكنهم كشباب سعوديين يعانون كثيراً من تعامل بعض الزبائن وعدم تقديرهم للإجراءات التي تتم قبل إنجاز معاملاتهم، ودائماً ما يطالبونهم بإنجازها في وقت قياسي، كما يعانون من الازدحام الكبير والإزعاج وحركة السيارات أمام مكتبهم الواقع بجوار جوازات الرياض طوال أيام الدوام الرسمي، حيث تبدأ معاناتهم من بعد الفجر حتى الساعة الثانية بعد الظهر حين ينتهي دوام الجوازات.
وبسؤاله عن مطالبهم كشباب يعملون في هذا النشاط، قال إنه يجب إعطاء الشاب السعودي الثقة والراتب المجزي كي يستمر في هذا النشاط الذي تسيطر عليه العمالة منذ سنوات طويلة؛ حيث يديرون المكاتب الخدميّة التي تدر دخلاً جيدا، لافتا إلى أن هناك معقبين سعوديين يتعرضون لضغط كبير في عملهم ولا يحصلون على الكثير من حقوقهم المادية، ودائماً ما يتعرضون للحسم من رواتبهم نتيجة تأخرهم في إنجاز المعاملات مع أنه في كثير من الأحيان يكون التأخير خارج عن إرادتهم.
من جهته، اقترح المواطن ناصر المرزوق أن يتم تخصيص مكاتب خاصة للشباب العاطلين وتدريبهم على العمل في مجال الخدمات العامة لتضاف إلى الكشكات المنتشرة بجوار الجوازات بالرياض، خاصة وأن هذا العمل لا يحتاج الكثير من الجهد ويدر دخلا جيدا للعاملين فيه، مشيرا إلى أن مدينة مزدحمة كالرياض يحتاج سكانها إلى من يكفيهم عناء المراجعات المستمرة في الدوائر الحكومية في ظل انشغالهم بوظائفهم وعدم تمكنهم من الخروج منها، إضافة لبعد مسافة الدوائر التي يراجعونها ما أفرز ظاهرة افتتاح مكاتب الخدمات العامة التي تملأ الشوارع والأبراج المحيطة بالكثير من الدوائر الحكوميّة.