هذه ليست مبالغة أو محاولة لصناعة بعض التشويق، هذه حقيقة وقفت عليها بأم عيني وما زالت قائمة لمن أراد أن يتأكد، فطابور المراجعين في مكتب الجوازات الجديد التي فتح مؤخرا في أبرق الرغامة بجدة يبدأ الساعة الرابعة فجرا.
يتقاطر المراجعون مع هذا التوقيت الى الموقع، ويأخذون أماكنهم في الطابور، عادة ما يجلسون على الأرض في الهواء الطلق أو يتشكلون دائريا، المهم أن كل شخص يعرف ترتيبه في المراجعة، ويجلسون 4 ساعات متواصلة يعيشون تقلب الليل إلى نهار بانتظار فتح أبواب المكتب الساعة الثامنة صباحا، وعند الثامنة يتحول المكان إلى خلية من البشر.
حسنا، ماذا يعني هذا، ماذا يعني أن ينتظر المراجع 4 ساعات أمام الدائرة الحكومية قبل بدء الدوام الرسمي؟ إنه بالتأكيد لا يعني سوى أن النظام لدينا ما زال معطوبا ويزداد عطبا كل يوم، وأن الحكومة الإلكترونية التي نهرف بها منذ زمن ليست سوى مشروع متعثر وضع على ورق ولم يجد طريقة للشبكات.
كل من راجع الجوازات يعرف أنها إدارة حكومية معقدة ومزدحمة بشكل غريب ومأساوي، ورغم كل الجهود والتسهيلات التي وضعتها إلا أنها لن تنجح طالما الناس يراجعونها ويقفون في الطوابير، الحل الوحيد لإدارة الجوازات هو التحول الفوري للعمل الإلكتروني ولا يحضر المراجع إلا للتوقيع والاستلام.
كيف يحدث ذلك؟ لا أعرف ولا يهمني، وما أعرفه أنه ممكن وممكن جدا، فهناك دول يستقبل المواطن فيها جواز سفره عبر البريد بعد تجديده إلكترونيا، وبالطبع لا يعرف طابور الرابعة فجرا.