جماعة الأخوان المسلمين أو ما يسميها أشقاؤنا المصريون الإخوانجية، ودورها الإقليمي وخاصة في دول الخليج العربي، استقطبت تركيزا إعلاميا مكثفا في الآونة الأخيرة، غذاها تصريحات من العيار الثقيل لقائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان، تلاها خبر القبض على خلية منهم تعمل في دولة الإمارات، اتهمت بالتعاون مع القاعدة، والسعي لأعمال إرهابية.
حتى أكون منصفا ومن مشاهداتي وتعاملاتي اليومية مع إخوتنا المصريين، لم ألاحظ أي غرابة في سلوكياتهم خاصة بعد الثورة المصرية، ما عدا بعض الحماسة وقليل من التعصب لآرائهم، وهذا طبيعي في خضم الاختلافات الحاصلة بين الأحزاب وتوجهاتها وأهدافها السياسية وتغذية القنوات الإعلامية لها.
ولا يخفى على الكثير من المتابعين للشأن المصري، أن هذه الجماعة متأصلة في التاريخ السياسي والاجتماعي في مصر الحبيبة، وقطفت ثمار جهود طويلة من العمل السياسي، شابتها سنوات من أعمال العنف بالداخل المصري، والذي ندمت عليه هذه الجماعة مؤخرا، فتاريخها الحركي لم يكن أبدا ناصع البياض.
الإخوان لماذا يجب أن نقلق منهم، وماذا يضمرون لنا، وما هو عمق تواجدهم على الأرض السعودية، وهل لهم أجندات تستهدف الاستقرار الوطني بالداخل؟.
كل هذه الأسئلة مشروعة، ولا يجب أن يتم تجاهلها، وما حدث في الإمارات لا يطمئن، ويجب أن يجعل الوطن والمواطن متيقظا تماما لما قد يحاك ضده في الخفاء وضد أمنه واستقراره. وقد يقول قائل: إن هذه الجماعة ورموزها قد قطعوا على أنفسهم وعودا كثيرة بعدم التدخل في شؤون دول الخليج. والحقيقة أننا سمعنا وعودا كثيرة التزموا بها أيام الثورة المصرية والانتخابات، تراجعوا عن كثير منها، مما يجعلنا في ريبة من مصداقية كلامهم.
مصر العروبة، نكن لها كل المحبة والتقدير، والإخوان جزء من النسيج المصري، وينبغي ألا يعمموا مشاريعهم وأفكارهم، وأنا لست مع انتقاد بعض كتابنا لبعض شيوخنا الأفاضل عند الذهاب لمصر، خاصة مع استقبال الحكومة المصرية لبعض الموفدين من إيران، وأقول إن وقوفنا مع أهلنا هناك بكافة الصورهو مطلب أساسي لتعزيز أواصر المحبة والإخاء بين الشعبين السعودي والمصري، وألا نجعل لأصحاب الدسائس والفتن طريقا وحجة يلجون بهما لأفئدة إخوتنا. والله لقد غمرتني الفرحة وأنا أرى الشيخ محمد العريفي وهو يخطب الجمعة بجامع الصحابي عمرو بن العاص ـ رضي الله عنه ـ كأول خطيب سعودي ينال شرف ذلك.
وفي النهاية يجب أن يعرف الإخوان ومن وراءهم، أن الشعب السعودي وقيادته الحكيمة لحمة واحدة لا تنفك، وأن من يريد الوقيعة بينهما مصيره إلى الخذلان والخسران المبين.