شعرت بالخوف الشديد وأنا أقرأ على موقع منظمة الصحة العالمية ما مفاده أن العقد القادم من الزمن سيكون عقد الفيروس العابر للقارات من الأجيال المركبة لفيروسات قد تعيد البشرية إلى ما هو أدهى من زمن الطاعون والجدري والحصبة الألمانية. سأقفز للسؤال: من هو المسؤول الذي وضعنا مع فيروس (كورونا) نصف الحصاد العالمي؟ ولأن المجتمع لا يحب قراءة الحقائق الصادقة فسيحيلنا إلى الوزارة ومعالي الوزير. هذا تشخيص خاطئ لطبيعة السبب ولو أن ظاهرة الفيروسات الوبائية تتبع نوعية الخدمات الصحية لكنا في مأمن في الطابور الطويل بعد ما لا يقل عن مئة دولة.
نحن نتجاهل أن فيروس (السارس) ألقى بثلثيه على دولة مثل (كندا) وأدى إلى شلل تام لمدينة مثل (تورنتو)، رغم أنها مدينة الجذب الأولى بين مدن الكون. نحن نتجاهل أيضا أن أنفلونزا الطيور أخذت أكثر من نصف ضحاياها من الوسط الذهبي للقارة الأوروبية حيث سويسرا وألمانيا. نحن نتجاهل الحقيقة الثابتة أن (السعودية) يوم أنفلونزا الخنازير قد اشترت أكبر كمية لقاحات على مستوى الأرض بما أثاره هذا الشراء من ضجة عالمية تناهض سيطرة المال على وسائط الصحة في الظروف الصعبة.
سنعود إلى (كورونا) ومنها إلى الفيروس كي نحاكم ثقافتنا الشعبية ونحذر من عواقب العقد القادم من الزمن حين يكون الفيروس عابرا للقارات.
نحذر من ثقافة الجهل الصحي الذي يستقبل بها المشفى المركزي بمدينتي ثلاثة آلاف زائر، بالإحصاء في اليوم الواحد دون أدنى حد من الوعي بخطورة هذا التدفق الهائل على المريض والزائر.
سفاراتنا تدفع في العام الواحد ما يقرب من مليوني تأشيرة ومن خريطة محددة مشهورة كونيا بالتهابات الكبد الوبائي، ناهيك عن بقية الوبائيات التي تأتي إلينا من تحالف خريطة الجهل والفقر وسوء الظروف الحياتية. نحن على الأقل نوقع نصف مليون تأشيرة في العام من القارة الموبوءة بالإيدز، ثم نحمل كل هذه التبعات لمعالي الوزير ووزارة الصحة، وحتى حين (نحاكم) خارطة (كورونا) على الخريطة المحلية تكتشف أن الفيروس وليد تلقائي لهذه الثقافة الشعبية التي تدفع في المعدل الإحصائي بثمانية زوار إلى سرير المشفى الواحد، وفي السارس والطيور، استطاعت كندا وألمانيا أن تنقذا العالم من العدوى بالعزل التام الذي يمنع حتى الطبيب من الاتصال إلا عبر الأجهزة.
غدا سأكتب مفاجأة مدهشة تكشف بجرأة أسرار أشهر قصة وطنية صحية في الأعوام الأخيرة.