1998 يصل عبدالله بن عبدالعزيز رئيسا لوفد بلاده للقمة الخليجية ومنوباً من أخيه الملك المحنك فهد بن عبدالعزيز.. برميل النفط يتهاوى تحت عشرة دولارات، واقتصاد السعودية يرزح تحت دين عام هائل، وبينما انشغل القادة ببرقيات المجاملة صارحهم أبو متعب بأن الآن وقت ربط الحزام، وأن عهد الرفاه قد ولى.
مفردات قوية، وربما كانت غير محبذة لكسب الشعبية، ولكنها الحقيقة، وهذا سر عبدالله.. لا مكر أو مكيدة، أو كر وفر، بل سياسة الصدق ولا شيء غيره. وبينما كان يقود خطة إصلاحية متقشفة جاءت انتفاضة الأقصى فأخذ ملف الانتهاكات الإسرائيلية إلى زعيم العالم المنتخب بوش. لم ينمق أو يحتاط أمام رئيس أكبر دولة في العالم؛ بل أطلعه على ملف يحوي صور الانتهاكات ثم قال قربوا السيارات، لا تكتيك أو استراتيجية، بل صدق وثقة بالله. وعندما جاءت أحداث سبتمبر وتورط فيها 15 سعوديا؛ ثبت أبو متعب واثقاً بشعبه محارباً للإرهاب وليس مهادناً لا يخشى غضبة أحد إلا الله.. سنطاردهم عشرين ثلاثين.. أربعين سنة.. متحزماً بشعبه، كسر شوكة الإرهاب، أطلق مبادرات وقاد مصالحات، وطور اقتصاد بلده حتى وصلنا إلى موسم الحصاد..2011.
ثورات شعبية لا يقدر أحد على ردعها، والجميع ينظر إلى ثمرة الشرق الأوسط وديار الحرمين.. أرسل الغرب مراسليه ليغطوا الثورة المزعومة.. فخرج السعوديون بصور أبو متعب.. لم يجبرهم أحد، بل أخرجهم صدقه معهم طول السنين وحبهم له. وبينما توقع الجميع أن فشل الثورة سيقابل بغرور الحكم؛ خرج عبدالله بن عبدالعزيز على شعبه شاكرا لهم ومدخلاً عنصرا جديدا في العقد الاجتماعي بين الحكم والشعب. ثم أنهى كلمته المكتوبة وخاطب شعبه بعفويته: لا تنسوني من دعاكم..، بعيداً عن النظريات والأفكار وسيكولوجيا الجماهير.
هذا ملك له كاريزما مدهشة.. قريب من شعبه.. بسيط في كلماته.. وبينما عرف الناس الحكم والسياسة بشعرة معاوية؛ عرف السعوديون ثماني سنوات بصدق عبدالله. غنم من الدنيا حب الناس ودعاءهم.. وهذا المكسب من الفانية وذخيرة الباقية.
اتركوا قراءة كيف تكسب ولاء الشعب بأفكار ميكافيللي، وادرسوا طريقة عبدالله بن عبدالعزيز.