خلال فترة الثمانينات من القرن الماضي كان المجلس الأولمبي الآسيوي صاحب الدور الأهم في القارة الصفراء

خلال فترة الثمانينات من القرن الماضي كان المجلس الأولمبي الآسيوي صاحب الدور الأهم في القارة الصفراء، حتى إن كثيراً من قرارات الاتحاد الآسيوي لكرة القدم كانت تخضع لرغبة رجل آسيا القوي الراحل الشيخ فهد الأحمد، ولولا وجود الأمير الراحل فيصل بن فهد حينها لذاقت بعض المنتخبات العربية المر خاصة في تلك البطولات التي كانت تقام في شرق آسيا برغبة الرجل القوي، وكثيراً ما فاحت رائحة الرشاوى وفساد حكام كرة القدم، إلا أن تلك الفضائح كانت مغيبة أو محظورة على الإعلام الرسمي حينها، ولا تظهر إلا حين يجتمع الشيوخ في مؤتمرهم المسمى دورة كأس الخليج، حينها كانت تظهر بعض أنباء عن عتب بين علية القوم احتجاجاً على ما حدث في مباراة أو أخرى، حتى بلغ الأمر أن أصبح أقوياء آسيا يتدخلون علناً في قرارات الحكام أمام العالم وهو ما حدث في ملعب مدينة بلد الوليد خلال نهائيات كأس العالم 1982.
وبعد سنوات طويلة تغيرت آسيا كما لم تتغير من قبل، وانقلبت موازين القوى بعد ظهور أكثر من رجل قوي تنافسوا بقوة نحو كسب ثقة القارة، وكان محمد بن همام أهمهم والأكثر تنظيماً ورغبة في التغيير، كان هذا الرجل يقف على مسافة واحدة من الجميع، يجامل في الأفراح ويواسي في الاتراح ويسافر حيث تكون المناسبة، ويتدخل لحل مشاكل الدول الآسيوية لدى فيفا، ويحضر اجتماعات الكونجرس في الاتحادات المحلية، ثم تطورت علاقاته إلى التواصل مع رؤساء الدول الآسيوية حتى تمكن من تكوين قائمة اتصالات تضمن له خطاً ساخناً مع جميع مسؤولي الاتحادات في القارة، ولعل نجاحه في انتخابات مقعد المكتب التنفيذي للـفيفا في 2009 يبرهن نجاح عمله والاستراتيجية التي اعتمدها، قبل أن يعود أحمد الفهد إلى المشهد ليبعث ذكرى والده القوي، خاصة بعد تغييب ابن همام عن المشهد، ولم يكن أمامه إلا تقطيع منافسيه بسلاح ابن همام نفسه، إذ إن الفهد يمتلك قائمة اتصالات استطاع تكوينها بعد عام 2009 ساعده في هذا وجوده كرئيس للمجلس الأولمبي الآسيوي وهو المنصب الذي لم يفلح سابقاً في استثماره لضرب خصمه القطري.
وقبل انتخابات كوالالمبور التي جرت الخميس الماضي كان الفهد وشقيقه طلال يتحركان بهدوء في القارة الآسيوية بحثاً عن أصوات الاتحادات من شرقها إلى غربها، بينما كانت الجبهة المقابلة تنتظر أن تقتات على علاقات غيرها، بعدما اختار الإماراتي يوسف السركال فريق عمل محليا للتنسيق مع التكتلات من خلال الرسائل الإلكترونية!، أيضاً يحسب لسلمان الخليفة أنه طوال الشهور الماضية كان يخاطب آسيا القارة من خلال اجتماعات وزيارات حتى يتعرف عليه الصيني والكوري والياباني والهندي، بينما تفرغ الثنائي السركال والسعودي حافظ المدلج لمخاطبة غرب آسيا والتباري في الظهور على شاشات القنوات العربية للتعريف بحملتيهما مع أن هذا يكفي فقط للفوز بمنصب رئيس اتحاد غرب آسيا!.
عموما تبقى النتيجة النهائية للانتخابات الآسيوية دليلاً على أن من يعتمد على قدراته الشخصية وعلاقاته الدولية مع بعض الدعم الحكومي يتفوق على من يعتمد على الدعم الحكومي مع بعض القدرات الشخصية، وهذا ربما ما تورط فيه المرشح السعودي تحديداً، على اعتبار أنه كان ينتظر الدعم الحكومي قبل البدء في بناء علاقاته وتنمية قدراته، مع أن المنطق يفرض عليه أن يجهز نفسه أولاً بما يلزم من القدرات والعلاقات ومن ثم يطلب الدعم الحكومي حتى يبرهن أنه يمتلك ميزة عن أي مرشح سعودي آخر!.