وسائل الإعلام يجب أن تناقش الثقافة العلمية من كافة الجوانب مع التركيز على ارتباطها بمجالات المجتمع المختلفة وتوظيف كافة الوسائل والأساليب التي تعمل على تحقيق أبعادها ومجالاتها بهدف رفع مستواها
نعيش في هذه الأيام في عصر ثورة المعلومات والاتصالات والتقنية ومن لم يكن لديه شيء من الثقافة العلمية التقنية فقد يحس بالمعاناة ويجد نفسه غير قادر على مواكبة التطورات السريعة والمتتالية في المجالات المعرفية والتقنية ولقد عقدت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في الأيام الماضية المؤتمر السعودي العالمي للثقافة العلمية في الفترة من 3-7/ 6/ 1434 في مدينة الرياض، وهذا توجه يذكر فيشكر للمدينة والقائمين عليها وما لفت نظري أثناء جلسات هذا المؤتمر هو قلة الحضور ولا أعرف الأسباب الحقيقية التي أدت إلى ذلك؛ إلا أنني توصلت إلى قناعة بأن اهتمام أفراد المجتمع وحرصهم على حضور الفعاليات والمؤتمرات الفنية والثقافية أعلى من حرصهم على حضور المؤتمرات العلمية حتى وإن كان موضوع هذه المؤتمرات عاما وغير متخصص ويمكن متابعة فعالياته بسهولة وبالعودة إلى الثقافة العلمية ومناقشة مفهومها والمقصود بهذا المصطلح نجد أن هناك عدم اتفاق بين العلماء والمهتمين بهذا المجال فيما يتعلق بتعريف الثقافة العلمية، حيث وردت عدد من التعريفات لهذا المفهوم ونتيجة لعدم وجود مفهوم محدد فقد عمد البعض إلى الاكتفاء بوصف الشخص المثقف علميا ليقدم المقصود بالثقافة العلمية في أبسط صورها وقد أوردت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (إدارة العلوم والبحث العلمي) تعريفا للثقافة العلمية في إطارها العام بأنها الجهود التي تحرص على تقليص الفجوات العلمية والتقنية والمعلوماتية داخل المجتمع وتعنى بمعطيات العلوم ومنتجات التقنية وما تحدثه الحركة العلمية - التقنية من آثار وانعكاسات على المستويات المعرفية والفكرية والسلوكية والقيمية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية وغير ذلك من مكونات وملامح المجتمع المعاصر في سيره الحثيث نحو تحقيق المجتمع العلمي ومن خلال قراءة هذا التعريف وتحليله وجدت أن هذا التعريف شامل ويحتوي على أبعاد الثقافة العلمية المختلفة ولا بد من الاستفادة مما ورد في ثناياه أثناء محاولاتنا لنشر الثقافة العلمية ومناقشة أبعادها المختلفة.
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المجال يركز على كيفية نشر الثقافة العلمية، وحقيقة الأمر أن نشر الثقافة العلمية ليس حكرا على مؤسسة بعينها بل هو جهد مشترك ومتكامل بين جهات مختلفة وأنشطة متنوعة فالمؤسسات التعليمية بمختلف مراحلها من أهم الجهات التي تعمل على نشر الثقافة العلمية بين أفراد المجتمع بمختلف شرائحه من خلال ما تقدمه من مقررات وبرامج علمية شاملة لأبعاد الثقافة العلمية التالية: البعد المعرفي بجوانبه المختلفة (الحقائق والمفاهيم والقوانين والنظريات والتعليمات العلمية والعلاقة بين العلم والمجتمع والتقنية والبيئة)، والجانب المهاري والجانب الوجداني كما أن مؤسسات الإعلام المختلفة عليها دور كبير في الإسهام في نشر الثقافة العلمية من خلال ما تقدمه من برامج إعلامية موجهة لنشر الثقافة العلمية وهناك أنشطة أخرى عديدة قد تسهم بنشر أبعاد الثقافة العلمية مثل المسابقات العلمية والجوائز والمنتديات العلمية والتوظيف الأمثل لوسائل الاتصال الحديثة والإنترنت وغيرها وعندما تركز مناهج التعليم (العلوم) على أبعاد الثقافة العلمية ويتم تقديمها بأساليب واستراتيجيات تدريسية مناسبة للمتعلم ويتم ربطها ببيئته ويجب أن تناقش الثقافة العلمية من كافة الجوانب مع التركيز على ارتباطها بمجالات المجتمع المختلفة وتوظيف كافة الوسائل والأساليب التي تعمل على تحقيق أبعادها ومجالاتها بهدف رفع مستوى الثقافة العلمية لدى أفراد المجتمع بمختلف مستوياتهم.
ويسهم الإعلام بمختلف وسائله في نشر الثقافة العلمية من خلال التركيز على البرامج التلفزيونية والإذاعية الموجهة لكافة شرائح المجتمع بهدف نشر الثقافة العلمية بأبعادها المختلفة كما أن الصحف الورقية والإلكترونية مسؤولة عن نشر بعض أبعاد الثقافة العلمية من خلال تكثيف التحقيقات الصحفية التي تعالج قضايا الثقافة العلمية كما أن التعلم أو التثقف الذاتي من أهم وسائل نشر الثقافة العلمية، ولذلك القراءة في مجالات الثقافة العلمية تسهم بدرجة كبيرة في نشر هذا النوع من الثقافة وعندما يتم نشر الثقافة العلمية وتتحقق أهدافها يتم إعداد الشباب بشكل يتوافق مع الإمكانات المتوافرة حاليا لهم وبما يواكب متطلباتهم ويلبي احتياجاتهم ومن ثم تكون لهم أدوار إيجابية في المجتمع، وأهداف الثقافة العلمية لن يتم تحقيقها بدرجة مقبولة إلا بتكاتف جهود جميع الجهات المسؤولة عن هذا الجانب بحيث يتم توجيه جميع الأنشطة لجميع شرائح المجتمع مع التركيز على طلاب مراحل التعليم العام والجامعي.