حربنا على المخدرات في حاجة إلى إغلاق كل الثغرات التي يتم التغلغل من خلالها لعقول النشء، ومن ذلك استخدام 'المحشش' أو 'السكران' في هذه الطرائف التي تشيع السخرية وتنشر السعادة

- واحد سكران اتصل على زوجته في وقت متأخر قالت له ايش فيك.. أنت سكران؟ قال لها يلعن أبو الكاشف!
- فيه اثنين محششين واحد منهم قاعد يسمع شريط فاضي.. قال له الثاني: تكفى إذا خلصت سجله لي..
- محشش يشتكي للطبيب أنه يحلم في النوم بقطاوه يلعبون كوره! نصحه الطبيب بأن يبقى صاحي ليلتين، قال المحشش للطبيب: ما أقدر يا دكتور بكره بيلعبون النهائي.
- واحد أعمى سكران مع شباب، داخ وقام يبغى يسري.. قالوا له بدري.. قال خلاص ما عاد أشوف.
- محششين مسكوا واحد قالوا له أنت معنا وإلا مع ذوليك.. ارتجف من الخوف وقال لا أنا معكم قالوا أصلاً حنا ذوليك!!
... أرجو أن تكون قد راقتكم هذه النكت، وأن تكون قد استجلبت ابتسامتكم، وأن أكون قد وفقت في الاختيار، لأنني موقن أن درجة الاستقبال تتفاوت نسبتها بين شخص وآخر، فما قد يجلب القهقهة عند أحدهم ربما لا يعدو أن يغتصب ابتسامة يسيرة من غيره. وما قد يسبب الكركرة عند فلان ربما يتسبب في ازدراء الآخر، هذا مع ملاحظة أن الضحك مجلبة للضحك، فهو كالعدوى تنتقل بالمحاكاة والمخالطة.
وفي كل المجتمعات نجد المضحكين والمهرجين ومبدعي السخرية وهم يعلقون على الظواهر الاجتماعية المايلة، فالنكتة حالة نقدية تحمل في مضامينها اللوم والإدانة بما يعبر عن تذمر العامة وسخطهم من وضع ما، ولهذا اهتم السياسيون بالنكتة الرائجة.. يتعرفون من خلالها على هموم الناس، فهي معيار يقاس به نبض المجتمع ومعدل رضاه أو سخطه عن واقعه المالي أو الصحي أو التعليمي وغير ذلك من الهموم العامة.
وفي مصر عمد البعض إلى تجيير النكتة المؤثرة والتي فيها مبالغة فاقعة إلى المحشش الذي يشطح به الخيال إلى خارج منظومة الواقع والمتوقع، لكن غالب ما يصدر من نكت هناك فإنه ينسب مداعبة إلى الصعايدة، ولم تكن النكتة متداولة في مجتمعنا المحلي قبل ثلاثة عقود كما هو الحال اليوم، وكان معظم ما يروى عندنا من طرائف مستجلبة ومستوردة - غالباً - من مصر ثم مع تحول مجتمعنا إلى المدنية بكل تكاليفها وتبعاتها وصلافتها المغايرة لمجتمعنا الفلاحي البسيط
فإن مجتمعنا تحول تدريجياً إلى صناعة النكتة المحلية وابتكارها، ولكن مع استخدام مصطلح المحشش في معظم طرائفه التي صارت تلسع بنقدها كل ظواهر القصور والفساد والمحسوبية في المجتمع السعودي.
وقد علمت وسمعت من كثير من التربويين الحث على ضرورة تغيير نمط رواية النكتة وعدم ربطها بشخصية المحشش، لأن في هذه النسبة ـ كما يرى بعض التربويين ـ تحفيزا للشباب لاتخاذ نفس المسلك، وجعل التحشيش وتعاطيه حالة عادية وغير مستهجنة في المجتمع، وأننا بهذا نجعل المحشش شخصية اجتماعية خلاقة ومقبولة بظرفها وعطفها على المجتمع من خلال المنافحة عن حقوق الناس ونقد السلبيات.. قلنا وكيف هو الحل؟
قيل لنا: لا بد أن يتواطأ المجتمع ويتفق على تغيير هذه العادة ونبذها واستبدال شخصية المحشش في النكت والطرف الاجتماعية بمفردات بديلة يمكن لها أن تؤدي مع تواتر استخدامها إلى الحلول مكان مفردة المحشش، ويضيفون أن قاموس اللغة العربية واللهجة المحلية حافل بالبدائل، ومن ذلك قولنا: فيه واحد متنح.. أو واحد منسم.. أو فيه خفيف دم، أو واحد لطيف.. أو أحد الظرفاء أو واحد بايعها أو فيه واحد خبل، أو واحد لك عليه.. وغير ذلك من المفردات البديلة.
كنا ونحن صغار نروي كل طرائفنا مبتدرين النكتة بجملة كان فيه جحا.. لكن جحا انقرض ولم يعد أنيس مسامراتنا، فقد حل مكانه المحشش، وقد يوحي توظيفنا لهذه الشخصية بأن النقد الاجتماعي محظور إلا مع الخارجين عن النسق العام بما قد يشعر الناس بأنه لا يحق ولا يجوز نقد السلبيات، وأنه لا يفعلها إلا من يبيعون عقولهم بالمحظورات الكحولية أو بتعاطي المخدرات، وكأننا من طرف خفي نشجع من دون قصد على تبسيط هذه الجريمة وإنزالها إلى مستوى الجنحة اليسيرة.
إن حربنا المقدسة على المخدرات في حاجة إلى إغلاق كل الثغرات التي يتم التغلغل من خلالها لعقول النشء، ومن ذلك استخدام كلمة المحشش أو السكران في هذا الكم الهائل من الطرائف التي تشيع السخرية وتنشر السعادة وتبهج القلوب وتوسع الصدور.. بقي لي أن أختم مقالتي ببعض النكت الخالية من المحششين أو المساطيل، منسوبة لبعض الظرفاء الذين يتسمون بخفة الروح:
• واحد ظريف سألوه وش رأيك في الزواج المبكر؟
قال لهم يعني الساعة كم؟
• اثنين شباب دمهم خفيف ركبوا أتوبيس لندن أبو طابقين واللي فوق دق على اللي تحت يسأله كم تمشون؟
• واحد منسم دق على الخطوط يبغى حجز.. سأله الموظف ذهابا وإيابا؟
رد المنسم: لا.. خروج المغلوب.
• مخبول كان صايم واتصل على برنامج ما يطلبه المستمعون.. قال لهم: لو سمحتوا أبغى أسمع مقطع من آذان المغرب.