أهذا كل ما لديك؟.. لم تقدمي شيئا؟.. شدي حيلك،.. ولا تكوني متساهلة في العمل؟، أنت عديمة المسؤولية؟، لا يعجبني هذا..، أعيدي صياغة الخطاب مرة أخرى؟، ولا تتأخري فلدينا عمل لننجزه؟.. عبارات تواجهها وبشكل يومي، أم سلمان الموظفة في إحدى القطاعات، حيث تقول: لست ضد النقد الهادف، خاصة عندما يتعلق بالعمل، ولكن أن يوجه لي النقد بطريقة سلبية، وعلى الملأ، فهذا ما أرفضه، فهذا النوع من النقد ليس غرضه البناء والإصلاح، وإنما القصد منه التشهير.
وتابعت أم سلمان قائلة: لطالما حاولت أن أعدل من ذلك السلوك لدى رئيستي في العمل، ولكن دونما أية فائدة، وفي إحدى المرات ذكرت لها أن انتقادي أمام الأخريات يُعد سلوكا غير لائق على الإطلاق، حيث يتسبب ذلك في جرح مشاعري أمام زميلاتي في العمل، وطلبت منها في حال قصرت في أمر ما أن يكون التوجيه بيني وبينها، حتى أتمكن من استيعاب ما تقول، بعيدا عن نظرات الشفقة التي ألحظها من زميلات العمل. الكلمات الجارحة يبقى صداها يتردد في ذهن من سمعها، وأسوأ ما في الأمر بقاؤها مستقرة في ذهن من توجه إليه، فينجم عنها الشعور بالضيق والغضب،.. فما تأثيرها على مستوى إنتاجية الموظف؟ وهل ستبقى هذه المشاعر ملازمة له طوال يومه؟ وبالتالي ما هو تأثيرها على حياته الأسرية؟ وعلى علاقته بالآخرين؟ وما الطريقة للتخلص من التأثير السلبي للكلمات الجارحة والقاسية في ذات الحين؟
تؤكد أخصائية علم الاجتماع مطيعة الغامدي، على أهمية الاحترام المتبادل بين المسؤول وموظفيه، وتقول إن العلاقات الإنسانية فن، وأفضل وسيلة لانتقاد أحد الموظفين هي إجراء حوار شخصي معه بعيدا عن أعين الزملاء، فمن خلال ذلك يستطيع المسؤول أن يشرح نواحي التقصير لدى الموظف دونما خدش مشاعره أمام من يحيطون به.
وعن مدى تأثير ذلك على إنتاجية الموظف قالت الغامدي: بلا شك أن المعاملة السيئة للموظف ستؤثر على إنتاجيته، خاصة عندما يتعرض لعدم الاحترام، والتجريح بالقول أو بالفعل، حينها سيتولد لديه عدم الشعور بالانتماء، الذي يعتبر من أهم مقـومات الإنتاج.
وعن كيفية معالجة القصور لدى بعض الموظفين دونما الخوض في التجريح، تقول الغامدي: عندما يلحظ المسؤول المشاكل العامة المـحيطة بالعمل كالتأخر المستمر من أحـد الموظفين عن الدوام مثلا، فلا بأس أن يعقد المسؤول اجتماعا لجميع الموظفين، ويطرح بذكاء بشكل مجمل موضوع الالتزام بالمواعيد دونما تخصيص شخص بعينه.
أما فيما يتعلق بالموظف وردة الفعل تقول: مما لا شك فيه أن العمل قد يترك آثاره الإيجابية على النفس أو العكس، مشيرة إلى أن العمل إذا خلا من الأسلوب الحضاري في النقد والتوجيه سيلقي بظلاله السيئة على أسرة الموظف ومجتمعه.
ونصحت الغامدي من يتعرضون لمثل تلك المواقف في محيط عملهم، بأن يفكروا بأمور إيجابية بدلا من تحليل الكلام المزعج الذي سمعوه، وقالت: العديد من الموظفين عندما يتعرضون لنوع من النقد من قبل أحد الأشخاص الذين يختلف معهم سواء في محيط العمل أو غير ذلك يستمر النقد قائما في ذهنه، والسبب أننا نهتم بالمشكلة، ولا نبحث في مسبباتها، مشيرة إلى أن التعامل مع مشاكلنا بطريقة البحث والتحليل والوقوف على الأسباب أفضل من الوقوع في براثن اليأس.
ودعت الغامدي في نهاية حديثها إلى بناء العلاقات الإيجابية، لا سيما في محيط العمل، واتباع الأساليب الذكية في النقد والتوجيه وتطوير القدرات، والبعد كل البعد عن توجيه النقد الجارح أمام الآخرين.