المفطِّرات بين الحسْم والتأجيل

ثلاثة أيام ـ على الأرجح ـ تفصلنا عن استقبال شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، والاستعدادات له على أشدها. ومنها الاستعدادات الفقهية، وعلى رأسها ما يكثر السؤال عنه؛ (المفطرات في مجال التداوي). هذا الموضوع بخصوصه جرى البحث فيه في الدورة العاشرة في مجمع الفقه الإسلامي الدولي ـ وهو مختلف عن المجمع الفقهي الإسلامي، فالأول يتبع منظمة المؤتمر الإسلامي، ومقره محافظة جُدة، وترشح كل دولة إسلامية فقيها منها يمثلها فيه، والأخير يتبع رابطة العالم الإسلامي، ومقره مكة المكرمة ـ وقرروا فيه آنذاك ـ 1418هـ / 1997م ـ أمورا هامة، رأيت تعميمها للفائدة.
الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات: قطرات العين والأذن والأنف، أو غسول الأذن، أو بخاخ الأنف، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق. الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق. ما يدخل المهبل من تحاميل (لبوس)، وغسول، ومنظار، وغيره للفحص الطبي. إدخال المنظار واللولب ونحوهما إلى الرحم. ما يدخل الإحليل (مجرى البول)، من قسطرة (أنبوب دقيق) ومنظار، ومادة ظليلة على الأشعة، ودواء، ومحلول لغسل المثانة. حفر السن، وقلع الضرس، وتنظيف الأسنان، والسواك وفرشاة الأسنان، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق. المضمضة، والغرغرة، وبخاخ العلاج الموضعي للفم إذ اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق. الحقن العلاجية الجلدية والعضلية والوريدية، باستثناء السوائل والحقن المغذية. غاز الأكسجين. غازات التخدير (البنج) ما لم يعط المريض سوائل (محاليل) مغذية. ما يدخل الجسم امتصاصاً من الجلد كالدهونات والمراهم واللصقات العلاجية الجلدية المحملة بالمواد الدوائية والكيميائية. إدخال قسطرة (أنبوب دقيق) في الشرايين لتصوير وعلاج أوعية القلب وغيره من الأعضاء. إدخال منظار من خلال جدار البطن لفحص الأحشاء وإجراء عملية جراحية عليها. أخذ عينات (خزعات) من الكبد وغيره من الأعضاء ما لم تكن مصحوبة بإعطاء محاليل. منظار المعدة إذا لم يصاحبه إدخال سوائل (محاليل) ومواد أخرى. دخول أي أداة أو مواد علاجية إلى الدماغ أو النخاع الشوكي. القيء غير المتعمد بخلاف المتعمد (الاستقاءة). وانتهى القرار إلى أنه ينبغي على الطبيب المسلم نصح المريض بتأجيل ما لا يضر تأجيله إلى ما بعد الإفطار من صور المعالجات المذكورة سابقا.
مجمع الفقه الإسلامي الدولي عقد تسع دورات بعد دورته تلك، آخرها العام الماضي، وفي ذمته لنا استكمال ما أجله ـ من مسائل المفطرات في مجال التداوي ـ منذ أكثر من عشر سنين؛ بخاخ الربو، واستنشاق أبخرة المواد. الفصد، والحجامة. أخذ عينة من الدم المخبري للفحص، أو نقل دم من المتبرع به، أو تلقي الدم المنقول. الحقن المستعملة في علاج الفشل الكلوي حقناً في الصفاق (الباريتون) أو في الكلية الاصطناعية. ما يدخل الشرج من حقنة شرجية أو تحاميل (لبوس) أو منظار أو غيره للفحص الطبي. العمليات الجراحية بالتخدير العام إذا كان المريض قد بيت الصيام من الليل، ولم يعط شيئاً من السوائل (المحاليل) المغذية.
الكلام عن الاستعداد الفقهي الخاص للضيف الكريم؛ رمضاننا المبارك، لا يغنينا عن الاستعدادات الهامة والعامة الأخرى، وفي مقدمتها نية أن يكون رمضان عام 1431 أحسن مما مضى.
يقول سيدنا سليمان بن موسى ـ أحد أشهر الرواة عن سيدنا جابر بن عبدالله ـ :إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب، ودع عنك أذى الخادم، وليكن عليك سكينة ووقار، ولا تجعل يوم صومك، ويوم فطرك سواء.