في الحلقة الأخيرة من الاتجاه المعاكس، لم يكن الختام مسكاً، بل كان غصة بالماء، صدمة حقيقية لكل من يؤيد حق الشعب السوري في التغيير والحرية والعدالة؛ كان صدمة لأن الأمل فيمن يدافع عن حق الشعب أن يكون قويا بما يدافع عنه، لا بالتجاوز اللفظي، وأن تكون قضيته العادلة داعمة لثقته في نفسه، عوضا عن خروجه عن طوره أمام ملايين المتابعين الذين يأملون أن تكون حججه أقوى من حجج الضيف الآخر.
لم يكن من المنطقي أن تنتهي تلك الحلقة بـتفضل يا حيوان ناطق، أو ما تجيب معك بهائم على الأستوديو، ثم يرشق الناشط الإسلامي عبدالجليل السعيد مقابله أحمد موصللي بالماء، تطهيرا له من دعمه للنظام السوري، لتنتهي الحلقة نهاية تشبه النهايات التي تحدث في حلبات المصارعة!
نعم، ليس حشد الحجج من أجل الدفاع عن نظام مجرم فعلا أخلاقياً، وفي المقابل، ليس اللجوء إلى الألفاظ النابية، والرشق بالماء، فعلا أخلاقياً، وخاصة أن ذلك حدث في برنامج يفترض أن يكون حوارياً بالمعنى الدقيق للحوار القائم على تقبل الرأي الآخر، ودحض الحجة بالحجة.
ما فعله عبدالجليل السعيد لم يكن إساءة إلى أحمد موصللي، بقدر ما هو إساءة إلى كل مؤيدي الثورة السورية، والمتعاطفين مع الشعب السوري؛ ذلك أنه لم يكن في حاجة إلى أن يخسر مؤيديه بفعل طائش لا يضيف إليه، وإنما يحسب عليه، فضلا عن دلالته على العجز عن الاحتجاج للحق الأبلج.
هذا التصرف جعل أزلام النظام السوري في تويتر، والمواقع المشابهة، يتشدقون بأن هذا الفعل أنموذج لأخلاق المعارضين السوريين، وأنهم إن حكموا سيمارسون أفعالا أسوأ من الشتائم والرشق بالماء على الهواء.
القليل من الحمق يجعل الإنسان يخسر قضيته أمام جمهور عاطفي يتأرجح بين كفتين، ولا يكاد يعرف إلى إحداهما طريقا.