قامت الدنيا ولم تقعد في السعودية، رغم أن الحدث في بوسطن. مررت إحدى الصحف الأميركية خبرا بوجود سعودي مشتبه به في موقع الانفجار، ونقلت عنها قناة العربية، فكانت الثورة ضد العربية وتاريخها وسياساتها ومحرريها، وتلقت القناة سيلا من الشتائم، وتحركت المطالبات بوقف متابعتها، ووصل الأمر ببعض رجال الدين إلى الفتوى بتجريم ما فعلت.
الحقيقة أن هناك سعوديا في موقع الانفجار في بوسطن، بل إن عددا كبيرا من السعوديين حضروا الماراثون بطلب من جامعاتهم ومدارسهم، وبينهم مصابون، وحين وقع الانفجار، حاولت صحيفة نيويورك بوست ربط ما حدث بالموجودين، وحين عثرت على أسماء سعوديين في الموقع، كانت كمن عثر على صيد ثمين، مررت الخبر دون تأكيد، على اعتبار واحد، هو أن السعوديين أصحاب سوابق في أميركا.
لم تصب الصحيفة الأميركية هدفها ـ إن كان لها هدف ـ وأخطأت العربية بنقلها خبرا يخص بلدها، دون التأكد من مصداقيته، لكن الصحافة – المباشرة - لا تعترف بالانتظار والتحري، فهي ليست جهة تحقيق، الصحافة جهة نقل معلومات، وحين تتحصل الجهة الإعلامية على خبر كبير كهذا، ستقدم الإثارة على التحري، إلى حين أن تخرج كل المعلومات من جهة التحقيق، وتنشرها مرة أخرى.
الذين هاجموا العربية وطالبوا بالتوقف عن مشاهدتها عدد قليل، منهم وطنيون يعتزون بانتمائهم ويلومون القناة على تورطها في الإعلان عن خبر الاشتباه بسعودي بما يمكن أن يكون تشويها أكثر لسمعة السعودي، لكن معظم الذين هاجموا – وهنا مصدر الغرابة - لديهم مشكلة مع الوطن، وبينهم من يخصص وقته وحروفه وأفكاره لمهاجمة الدولة والتعبير عن احتقانه من كل ما هو سعودي.
ويأتي كل هذا في وقت واصلت فيه العربية وطيلة سنواتها المنصرمة، دورها الكبير في الدفاع عن الوطن، والذب عن سمعة السعودية والسعوديين، والتأكيد للعالم على أن القاعدة ليست في السعودية والقاعديون ليسوا سعوديين، ولن يكون منطقيا أن يكون هدف العربية من نقل الخبر تشويه السمعة، كما يعتقد هؤلاء الحريصون جدا على السمعة.