الخبر بعاليه ليس نقلا عن التلفزيون الكولومبي، أو الصيني، وليس نقلا عن وكالة رويترز أو سي إن إن، بل نقل عن قناة عربية تحمل الاسم ذاته.. العربية.
يعلم الكثير من الإعلاميين والمثقفين أنه ليس بوسع الإعلام ـ أي إعلام ـ أن يكون محايدا على طول الخط، فالحياد في تناول وطرح بعض القضايا التي تجمع عليها أمة من الأمم يعني مصادرة هويتها، وثقافتها، بل ويعني أيضا الانسحاب من فضائها الثقافي إلى فضاء ثقافي آخر لا يمكن للمؤسسة الإعلامية أن تعيش فيه، فكيف إذا كانت هذه المؤسسة تحمل ذات المسمى الدال على الأمة بكل حمولاته؟
أزعم أن العربية تطمح إلى تحقيق شعارها بالنظر إلى العالم بعيون عربية، وإن كانت المهمة شاقة وعسيرة. وإذا كان العرب شعوبا وقبائل ودولا قد اختلفوا في كل شيء إلا أنهم يجمعون على أمر واحد وقضية واحدة.. فلسطين.. أحزاب اليسار والقوميون والليبراليون قبل الإسلاميين، ولو بالشعارات الفارغة الممجوجة التي لا يملكون سواها، وبالأصالة عن نفسي ونيابة عنهم جميعا لا أتردد في القول إن العرب لم يجمعوا على ترديد مصطلح شهيد إلا فيما يخص الضحايا الفلسطينيين الذين استشهدوا ولا يزالون على يد الكيان المغتصب.
ما يحدث بين الشعب الأعزل والكيان المحتل ليس مواجهة بين ندين، أو دولتين، إنما إرهاب دولة من طرف، وجهاد في استرداد الأرض والكرامة من طرف آخر، حتى بعض المنظمات والمؤسسات المدنية في الغرب تعترف بذلك. ولأن للمفردات والأوصاف في الخطاب الإعلامي أثرها في نفس المتلقي فإن بونا شاسعا يأتي بين مفردتي قتيل وشهيد. وإذا لم نستطع ـ كعرب ـ تقديم شيء لإخوتنا هناك فلا أقل من أن نكرمهم بعد موتهم بما يليق بهم من أوصاف.
ولأن الخبر صحيح، وهو أن جنديا إسرائيليا أطلق النار على شاب فلسطيني بسبب رمي الأخير له بالحجارة، فإن المهنية في نقل الخبر حاضرة، والآن يأتي الوصف، والذي يخلق استفهاما كبيرا: ما الذي يضير العربية لو نعتته بـالشهيد بدلا من القتيل؟!