استعادت مشاركة عازف الربابة أحمد العنزي في الخيمة التراثية لمهرجان أرامكو الثقافي في الهفوف، مقامي العزف على هذه الآلة المسحوب في الأحزان، والهجيني في الأفراح.
وقال العنزي، خلال حديثه إلى الوطن: إن هذه الآلة تعتبر من أهم الآلات الموسيقية التراثية لتاريخها الضارب في القدم، حيث عرفت في شمال المملكة ثم انتشرت منها إلى باقي مناطق السعودية ثم الخليج والشام والعراق وغيرها، وتتخذ أشكالا متخلفة في كل دولة، وفي المملكة تتخذ شكل المستطيل، بينما ببلاد أخرى تميل للشكل البيضاوي والدائري.
العنزي وهو من سكان بادية حفر الباطن، ذكر أنه بدأ ممارسة هذه الهواية، منذ كان عمره 13 عاما وأخذ في التدرب عليها بمفرده، بسبب عدم وجود معاهد متخصصة أسوة بالفنون والآلات الموسيقية الأخرى، إلا أنه استفاد من تجارب آخرين سبقوه في العزف على الربابة ومن أشهرهم، العازف دغيم الظفيري، فبدأ في تقليده ومحاكاته من خلال البحث عن أماكن وجوده وحضور مسامراته الشعرية، والاستماع لمعزوفاته، ومع الاستمرار في العزف بالتدريب اليومي، وصلت موهبته إلى المشاركة في المهرجانات والاحتفالات الداخلية والخارجية، مبينا أن الوصول لاحترافية هذه الهواية بالذات هو التدريب اليومي ومحاكاة كبار العازفين بالحضور لأمسياتهم والاستماع لتسجيلاتهم الصوتية.
العنزي كشف عن الأجر اليومي لعازف الربابة الذي يبدأ من 100 ريال للجلسات الخاصة والاحتفالات الأسرية، حتى 2000 ريال لليوم الواحد بالنسبة للمهرجانات الكبيرة، لافتا إلى أن الإقبال على الربابة في الوقت الحالي ضعيف مقارنة بالفترة التي سبقت التسعينيات الميلادية، مبينا أن معظم العازفين على الربابة يستعينون بها لعزف أشعار المديح وهي السمة البارزة في مجالس البادية لمدح شيوخ وكبار أفراد القبيلة أو رجال البادية الذين لهم إسهامات بارزة. وتصنع الربابة من الخشب وجلد الغزال أو جلد الذئاب المدبوغ وهو الأفضل، ووتر وهو عبارة عن مجموعة من شعر الخيل، والقوس وهو عود من الخيزران، ويبلغ سعر أجود أنواعها 2500 ريال، مشيرا إلى أن أولاده لم يتعلموا منه هذه الهواية بالرغم من وجودها أمامهم، فلا يكاد بيت شعر أو خيمة بدوية تخلو من هذه الآلة، وهي آلة رئيسة في سهرات البادية متصلة بالعادات والتقاليد العربية الأصيلة، مشددا على أن امتلاكه لموهبتي إلقاء الشعر والعزف على الربابة، رفعت من مستوى أدائه في المناسبات والمهرجانات.
بدورهم أجمع كل من ناصر المري، مشبب الدوسري، محمد السبيعي (زوار في المهرجان) على أن مشاركة عازف الربابة في المهرجان، أعادهم إلى أجواء الصحراء بذكرياتها الجميلة في نفوس أهالي البادية، واستطاع فيها العازف أبراز أجواء البراري والصحراء والقصيد، مؤكدين ضرورة الحفاظ على هذه الآلة من الاندثار والضياع وذلك من خلال تعزيز حضورها المستمر في المهرجانات.