في محيطي الصغير، على الأقل، انقسم الأفراد فيه حيال هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات إلى قسمين لا ثالث لهما، فقسم أول تفاجأ أصلا من وجود هذا الشيء، ردد في سره أنا وين سمعت هالاسم لكن الأكيد أنه لا يعرف لها موقعا، ولا يذكر لها مهاما، ولا يدري إن كانت تتقاطع معه في أي نقطة أم لا. بعض أفراد هذا القسم سأل ببراءة قبل أن أنسحب من أمامه إن كنت أعني هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وبافتراضنا أن القسم الأول ليس قريبا من الصحف والأخبار ولم يكن بحاجة للاقتراب كثيرا من هذه الهيئة لأي سبب، فقد انتقلت للقسم الآخر الذي أجمع أفراده على أن ذكر هذه الهيئة لا يأتي إلا متبوعا بـإنا لله وإنا إليه راجعون، روى لي غالبهم رواياتهم الطويلة مع هذه الهيئة التي تختلف في المضمون التراجيدي وتتفق في النهايات التي لا تزيد عن عبارة انتظر شهرين!
صرخ فيني أحدهم: أين كان صوت هذه الهيئة من شكاوى عملاء شركات الاتصالات سابقا؟ لماذا فقدت صوتها يوم مشاكل المبالغ الباهظة لفواتير المكالمات؟ كيف بح هذا الصوت بشأن مشاكل الإزعاجات الهاتفية؟ لماذا جاء صوت الهيئة متأخرا عندما كانت الشرائح المجهولة تباع على الأرصفة وفي طابور الإشارات؟ ولماذا جاء صوتها على استحياء حين ماطلت شركات الاتصال بنقل أرقام العملاء بين بعضها البعض؟ أين صوتها من عروض شركات الاتصالات الخادعة التي تملأ لافتات الإعلانات؟ كيف لم تصدر بيانا واحدا رغم تخطي عدد شكاوى العملاء حاجز الـ15 ألف شكوى في العام الفائت!
وأخيرا لماذا جاء صوت هيئة الاتصالات اليوم عاليا مدويا غاضبا ومتوعدا ومهددا بالحجب لخدمات التواصل الاجتماعي المجانية؟ تلك الخدمات التي صارت حلا للناس من جشع الفواتير الباهظة، ومتنفسا لهمومهم الكثيرة، وطريقة لإعادة علاقاتهم الإنسانية بعضهم ببعض؟
أجيبوا صديقي يرحمكم الله!