فايع آل مشيرة عسيري

إن تغييب الجانب الفني، والثقافي بمجالاته المتعددة قد يكون جرما لا يغتفر، لاسيما أن الشعوب سبقتنا، وعاشت معنا، رسمت صورتها الذهنية للآخرين، التي مازالت عالقة في الأذهان، والقلوب، وذلك بواسطة تعدد ثقافاتها، وفنونها.
إن الفن بإبداعاته هو رسالة سامية، ومؤشر فكر، ومرآة الشعوب العاكسة لحراكها الثقافي، ولعل الموروث الشعبي على رأس تلك الفنون الذي أرى أنه غاب، أو غيب وكرة الاتهام ماتزال حائرة في ملعب الثقافة، والفنون، ورغم اجتهادات هذا الفن الفردية في بحر القنوات الشعبية التي اختلط فيها الصالح بالطالح، مما أفقده هويته التائهة منذ عقود طويلة، ولعل عام1983 خير شاهد حين تقدمت اليونسكو بطلب للمؤسسات المعنية للحصول على نماذج، وصور من الموروث الشعبي، الذي يبرز قيمة كل منطقة في ظل تعددية الموروثات الشعبية في الوطن، وحتى اللحظة مع الأسف لم يتحقق شيء.
والحال ينطبق على بقية الفنون كالمسرح، والدراما، والبرامج الثقافية المتنوعة، والكوميديا، التي تحولت لتهريج، وإسفاف مبتذل يهتم بالقشور، والقشور فقط، ولعل طاش ما طاش خير دليل على الإفلاس الفني الحزين، وسقوطه.
ولعل عودة التلفزيون السعودي إلى الوراء عبر شريط قديم يقدمه الفنان القدير علي إبراهيم، ويجتر ذكريات حروف مع ماجد الشبل، وباقة ورد مع جاسم عثمان، وأبودلامة، دليل على قصور الامتداد الفني، وعزوف شركات الرعاية، والإنتاج وإهمال المبدعين، وأصحاب المواهب الفنية.. ورغم حفل الجنادرية الوطني الكبير، وسوق عكاظ, والمهرجانات الثقافية التي تنظمها الأندية الأدبية، وجمعيات الفنون الثقافية.. إلا أن خطابنا الفني قاصر عن تشكيل اللوحة السعودية أمام العالم في ظل هذا الزحف التقني، والمد الإلكتروني، الذي بات يشكل وحدة مركزية تنشر الفن للمتلقي بأسهل وأسرع جهد، ووقت.
ومضة:
يتحتم على كافة الجهات المعنية بالفنون, والثقافة, والأدب في ظل هذه الظروف الاجتماعية, التنوع الثقافي في كل منطقة, والبيئة المناخية الإيجابية, التي تساعد على الإبداع, والابتكار في ظل الإمكانات الكبيرة التي تقدمها وزارة الثقافة والإعلام متمثلة في الدكتور عبدالعزيز خوجة, فالفرصة ذهبية كي نعيد المشهد الفني الثقافي, وتكتمل معادلة النجاح الكبير, وليس أدل على ذلك من مهرجان قس بن ساعدة الذي نظمه النادي الأدبي في نجران.. حيث كان باكورة عمل ثقافي رأى النور بتضافر الجهود, والذي حظي برعاية كريمة من أمير المنطقة مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز، وبدعم معنوي, ومادي كبيرين من وزارة الثقافة, والفنون.. ليعتمد مهرجانا سنويا يعكس مدى الحراك الثقافي في المنطقة.. فمتى نرى حراكاً فنياً راقياً يضعنا في واجهة مشرفة تليق بوطنا .