القاهرة: الأمير كمال فرج

رفض الفنان هشام عبدالحميد تصنيف الأفلام إلى شبابية وغير شبابية، مؤكدا أن الإبداع الفني واحد، والفنان الحقيقي يؤدي كل الأدوار. مطالبا بإنشاء كيانات استثمارية عملاقة لإنتاج الأفلام، مشددا على أهمية الوصول للآخر لتغيير الصورة المغلوطة.
تخرج هشام في قسم التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية عام 1984، وعين معيدا في السنة نفسها، وحصل على دبلوم الدارسات العليا قسم إخراج، وفي عام 1988 قام بأول بطولة مطلقة في فيلم غرام الأفاعي، ثم قدم أعمالا عدة في السينما، والتلفزيون، والمسرح، منها الحب في طابا، والملك لله، وقليل من الحب كثير من العنف، والبحث عن طريق آخر، والشيطان يستعد للرحيل، ومعالي الوزير، وخريف آدم وهو الفيلم المصري الوحيد الذي دخل مسابقة الأوسكار لكل العناصر، ومسابقة جولون جلوب عام 2006. حصل على جوائز عدة كان آخرها هذا الشهر، حيث حصل فيلمه لا الصامت الذي أنتجه وقام ببطولته على جائزة التميز في مهرجان إندي للأفلام المستقلة في لوس أنجلوس. التقيناه في هذا الحوار.
كيف تولدت فكرة الفيلم؟ ولماذا اخترت التعبير الصامت؟
أثناء الثورة تفاعلت كما تفاعل ملايين غيري، فتولدت فكرة فيلم لا، وكان العمل في البداية عرضا مسرحيا سيقدم على خشبة المسرح، وبعدما أخذت موافقة وزير الثقافة الأسبق الدكتور عماد أبو غازي، ومدير الأوبرا الدكتور عبد المنعم كامل ألغينا العرض قبل بدئه بيوم نظرا للانفلات الأمني الذي أعقب الثورة، واقتحام مسرح البالون، فجاءت فكرة تقديم العمل على شريط سينمائي أولا للتوثيق، وثانيا لطبيعته الفنية الرامزة، خاصة وهو فيلم يعتمد على الرمز واللغة الصامتة التي تصل إلى أي جنسية في العالم.
ومن ثم شرعت في تصوير الفيلم في ظروف بالغة الصعوبة، وإمكانات تكاد تكون معدومة، وأنجزت جزءا منه في مصر، وآخر في كندا، ورب ضارة نافعة، فقد تسبب الانفلات الأمني في دخولي لأول مرة إلى العالمية.
وما دوافع توجهك بالفيلم نحو الغرب؟
لقد اعتدنا على أن نضحك لأنفسنا، ونحزن لأنفسنا، ونبكي لأنفسنا، ونصفق لأنفسنا، نحتاج لآلة تواصل مع الآخر لنعرض له همومنا الحقيقية، وثقافتنا، ووجهة نظرنا، لأن الصورة التي تصل للآخر عنا مغلوطة.
نحن لا نحرق سفارات، أو نرفع رايات سوداء، ولا نقتل أبرياء. نحن جزء من المجتمع الإنساني نتواصل معه، ونتعايش معه، ونؤثر فيه، ويؤثر فينا، ونحن كذلك نفهم معنى الحضارة والمدنية، والمعاصرة.
حاولت من خلال لا أن أعرض وجهة نظرنا، ولا هنا موجهة لكل المعاني السلبية، لا للفتنة الطائفية، والتعصب الديني، والدكتاتورية، والتمييز على أساس الجنس، والدين، واللون. نحن مع التعايش السلمي مع أفراد المجتمع الإنساني.. مع الديمقراطية والحريات بكل أنواعها.
ما مدة الفيلم ومحتواه الفني؟
الفيلم مدته 72 دقيقة، ينقسم إلى 19 لوحة.. كل منها تمثل فكرة أو هما من الهموم التي تشغلنا وتشغل المجتمع الإنساني كله، من فكرة التعصب إلى التطرف إلى التعصب ..الخ ..
وما ملابسات حصوله على الجائزة الدولية؟
قدمنا في مهرجان إندي للأفلام المستقلة في لوس أنجلوس، فأبلغنا بأن الفيلم حصل على جائزة التميز، والمهرجان مخصص للأفلام المستقلة، وفي أميركا تهتم الشركات العملاقة بالكيانات الصغيرة التي تمتلك الطموح والحلم، ولا تمتلك رأس المال فتقوم بالرعاية سواء أكان من خلال الإنتاج أو التوزيع، وتتاح الفرصة لهذه الكيانات التي تحمل طموحا خالصا، وتمردا مشروعا إيجابيا لأن يكونوا في صالات العرض، ويحتفلون بأعمالهم مع الناس، وأيضا يحصدون جزءا من الربح، وهذا شيء بالغ الأهمية، لأن السينما ليست فنا فقط، وإنما أيضا صناعة.
أمام تحقيق نوعية من الأعمال الشبابية الملايين، هل هناك وسيلة لكي نراكم في مثل هذه الأعمال ؟
لا أحبذ تصنيف الفن إلى أعمال شبابية وغير شبابية، فالإبداع الفني واحد، والفنان الحقيقي قادر على تقديم كل الأدوار، وعن نفسي أقدم أعمالا للتسلية، وأيضا أعمالا عميقة تقدم الفكر الهادف. السؤال الذي يفرض نفسه، إذا كان الفنان نجح في كل الأدوار فإن المشكلة ليست فيه،.. الفنان لا ينتج أو يوزع ..، وهذا السؤال يوجه للإنتاج، لقد قدمت أعمالا كثيرة أحبها الجمهور، والخطوة المنتظرة استثمار هذا النجاح، يجب أن ننشئ كيانات إنتاج ضخمة، وأن نستثمر في الفن كما تستثمر أميركا عقول العالم.
هل تؤيد الدور السياسي للفنان؟
لغة الفنان وإن كانت مقتصرة على الفن فقط .. لا تعفيه من الالتحام بالسياسة .. مثلا باولو بيكاسو عندما حدثت مذبحة جرنيكا، وهي قرية إسبانية قصفها الدكتاتور الألماني فرانكو عام 1937 بالطائرات وأبادها لم يستطع تجاهل ذلك، ورسم لوحته الخالدة جرنيكا التي عرض فيها هلعه ورعبه، وتأثره، وكل الانفعالات التي أحس بها في لوحة فنية .. هكذا يكون للأحداث مردود بشكل أو بآخر على الفن.