الموهبة حين تأتي تستأذن أولا، فإن وجدت لها مكانا بين الصفوف، جلست وتربعت، وإن لم تجد تختفي ولن تطرق الباب. وخلف دهاليز الانترنت، ولدت مواهب كثيرة، نشأت وترعرعت في فضاء خصب، فأعطت كل ما لديها بكل حرية وتجرد، لكنها كانت ترفض الضوء، وتعتبر الضوء رصاصة قاتلة لموهبتها المتحررة من القيود والمزايدات.
من البالتوك، خرج لورانس للضوء ملثما، وحين تلمس طريقه جيدا، أعلن توبته عما قال في عصر الجهل بوجود ضوء في آخر النفق، فصار نجما. واليوم جاء الدور على صديقه تاء مربوطة بعد أن ملأ المكان ضجيجا وقهقه، لكن خروجه كان بشكل مختلف، فبعد أن وقف على أطلال البالتوك، وجه صوت سيلفر باتجاه الكيك فكان الضوء.
سيلفر ينكر أنه تاء مربوطة. من حقه أن يلفظ الماضي ويلعنه، على الأقل لكي لا يخرج ملثما، كما فعل رفيقه النجم لاحقا لورانس. وقد يكون ليس هو فعلا، ولا أحد يملك أي دليل على أن سيلفر هو تاء مربوطة، إلا إذا حاولنا استنطاق الببغاء الذي يحمله على كتفه منذ أمسيات البالتوك طيبة الذكر.
ليست موهبة سيلفر في تقليد صوت قرصان البحر الكاريبي في رحلته المثيرة مع جيم وبمبو، وليست في خامة صوته المتهدجة، أنها في إجادته التحدث بلغة عربية فصحى نقية، وقدرته على الارتجال دون أن يلحن، وهو ما قد يصعب وضعه في مكان يخصه، إلا إذا كانت موهبة القبطان لها أرجل أخطبوط.
تقدم يا سيلفر، جميعنا هنا وكنزنا في الجزيرة. أصبحت مطلوبا لعدالة الضوء، وإذا كان في عهدك السالف 15 رجلا ماتوا من أجل صندوق، فهناك 15 إعلاما يبحث عنك ويقول: منك منك .. لك المايك، تحتاج فقط بعد أن تخليت عن ماضيك، أن تتحلى بالذكاء لتعرف طريق مستقبلك. أنت لم تعد تمشي على ساق واحدة، وماذا بعد؟، تستمر الحياة.