لماذا يتم اختزال حقوق المعوق في عبارة 'الرعاية والتأهيل'؟ أين هي حقوقهم الاقتصادية والثقافية والاجتماعية؟ أين هي حقوقهم المدنية؟ أين هي حقوق النساء من نظام العمل لذوي الإعاقة؟
أعزائي القراء أرجو ألا يكون العنوان بعاليه استفزازيا للمجتمع، بقدر ما نريد أن نبعث في مجتمعنا الكريم تعاونه مع شريحة غالية على قلوبنا لطالما أزمنت في المعاناة والآلام والحرمان.
دعوني أعرض عليكم نموذجين لأبطال أبدعوا في خدمة البشرية: الأول؛ العالم ستيفن هوكينغ وهو صاحب إعاقة يعد الآن أحد أذكى علماء الفيزياء النظرية بعد عالم الفيزياء الشهير البرت أينشتاين، ورغم بلوغ هوكينغ السبعين إلا أنه لم يتوقف عن العمل، فهو يعمل في جامعة كامبريدج في بريطانيا.. نعم هي شخصية استثنائية لقيت من الحفاوة والتكريم الشيء الكثير.
الثاني: الإعلامي السعودي الزميل عمار بوقس الملقب بـ قاهر المستحيل، وُلد في الولايات المتحدة مصاباً بالشلل منذ الولادة، ومع ذلك أكمل دراسته الثانوية، حاصلاً على معدل 96 في المائة، وحفظ القرآن الكريم كاملاً عندما أكمل الـ 13 عاماً، واستغرق ذلك منه نحو عامين. وهو الآن يعاني شللاً في معظم أعضاء جسده، ويتمكّن من الكلام مستعيناً بأجهزة إلكترونية في أذنيه، ونجح على الرغم من ذلك في إكمال دراسته الجامعية، وفي تجربته يروي عمار في مرارة عن دراسته في أميركا، فيقول في مقارنة ضمنية: عشت إنساناً طبيعياً، وبدأتُ دراستي في الولايات المتحدة الأميركية إلى الصف الثالث في مدارس عادية، غير مخصّصة للمعاقين، وبمجرد وصولي إلى وطني، لم تقبلني أي مدرسة، بل على العكس، اقترحوا انضمامي إلى مدارس المتخلفين عقلياً، لكنني أكملت بعدها تعليمي بنظام الانتساب، وكنت من أوائل المتفوقين في المدرسة والأول على الدفعة في الجامعة. وعملت صحفياً رياضياً، ومعد ومقدم برامج عُرضت على أكثر من 13 قناة تلفزيونية والآن معيد في جامعة دبي، الجدير بالذكر أن بوقس وقع الأربعاء الماضي في معرض الكتاب كتابه: قاهر المستحيل ويحق لنا أن نتساءل هنا عن المرارة التي يتجرعها الكثير أمثال بوقس، وهو السؤال الذي يدور في خلد كل معاق: كيف سأدرس؟ كيف سأعمل؟ كيف أتواصل مع المجتمع؟ كيف أنمي مواهبي وقدراتي؟ كيف يكون لي رأي وقضية أدافع عنها؟ كيف لي أن أشارك في صناعة القرار في وطني كيف.. وكيف...؟؟؟ أين هي حقوقي؟؟ وخصوصا أن هناك الكثير من الانتهاكات التي تتعرض لها هذه الفئة من العنف وسوء المعاملة في داخل البيت وفي داخل دور الإيواء، ناهيك عن فقدان البيئة السليمة في الصحة والتعليم والعمل.. بالإضافة إلى عدم تكافؤ الفرص للمعاقين وحرمانهم من تهيئة بيئة ميسرة لهم تضمن لهم حرية التنقل، مع أن المملكة صادقت على اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بتاريخ 2006م، والمادة 27 من الاتفاقية نصت على نظام العمل والعمالة لذوي الإعاقة، وهنا أورد ملاحظة تدعو إلى التساؤل في المادة الثانية من نظام رعاية المعوقين في المملكة والتي تنص على: تكفل الدولة حق المعوق في خدمات الوقاية والرعاية والتأهيل، وتشجيع المؤسسات والأفراد على الإسهام في الأعمال الخيرية في مجال الإعاقة.
التساؤل هو: لماذا يتم اختزال حقوق المعوق في عبارة الرعاية والتأهيل؟ أين هي حقوقهم الاقتصادية والثقافية والاجتماعية؟ أين هي حقوقهم المدنية ؟ أين هي حقوق النساء من ذوي الاعاقة في هذا النظام؟ من الأهمية بمكان الاستعجال بإنشاء جمعية وطنية مستقلة تمثل الأشخاص ذوي الإعاقة، لها نظام محدد تحمي وتدافع عن حقوق المعوقين وبالخصوص أن نسبتهم في المملكة تتجاوز المليون في آخر الدراسات.