خمبلة، لفظة لو وجدها الخليل بن أحمد، في أثناء تأليفه معجم العين، لقال عنها: غير مستعمل، لأنّه لا معنى لها، لكنها باتت ذات دلالة الآن، وأصبحت اسما دالا على برنامج يوتيوبي تمثيلي ناقدٍ ساخرٍ كغيره، ليصبح معنى خمبلة: برنامج يوتيوبي سعودي.
خمبلة كغيره في الإطار العام والأهداف والوسيلة، بيد أنّه يمتاز بوجود جهد إنتاجي دال على التخطيط، ومشير إلى مواهب ممتازة تحاول البحث عن منفذ إلى المشاهد.
الجهد الإنتاجي، يظهر في وجود ممثلين رئيسين، وكومبارس، وفي اختيار أماكن التصوير التي تلائم الموضوعات، وفي جودة الصورة، وحسن اختيار الكادر، وحركة الكاميرا، مما يجعل العمل احترافياً لولا أنّه صادر عن هواة.
أمّا الوعي الدرامي، أو المعرفة بأبجديات الدراما، فإنها تظهر في أكثر من صورة؛ ومنها: مسألة السوابق واللواحق الزمنية، التي ظهرت بوضوح في حلقة الشابين الخريجين بمعدلين منخفضين، وكيف أنّهما جلسا يتحاوران حول مستقبلهما، ليتحول الحوار إلى مشاهد تمثيلية، هي في الواقع، محاولات تخيّل لما ستكون عليه الأحوال في حال الابتعاث، أو الالتحاق بالسلك العسكري، أو الدراسة في إحدى الجامعات المحلية، أو... أو... الخ. مثل تلك الحلقة، وبجانبها حلقة الضيف الأميركي القادم إلى السعودية، حيث حاولت مجموعة من الشباب إسعاده، إلا أنها ـ في النهاية ـ فشلت بسبب المكنوز في الأذهان من الأخطاء التقاليدية والأعرافيّة، لتكون النهاية نهاية طليعيّة ـ إن صحّ التعبير ـ وتدلّ على أن مجموعة خمبلة تعي مشكلات المجتمع السعودي الذكوري الخالص، فتحتج عليها احتجاجا خفيّاً، من خلال التأكيد عليها، لا من خلال مواجهتها، ما يشي بأننا أمام مجموعة واعية، لا تحب التمثيل وحسب، وإنما تدرك ما تفعله إدراكا عميقاً.
خمبلة، دليل على أننا كلنا نعرف داءنا، ونستطيع تشخيص عللنا، ونعلم أن العلاج يسير، لكنه ليس يسيراً على كل من أراده، وإنما هو يسير على من يستطيعه.