الموضوع الذي نُشر قبل أسبوع وتناوله قليل من كتّاب الصحافة، لكنّه شاع في المجتمع السعودي كالنار في الهشيم؛ هو بحاجة ماسة لإعادة الكتابة عنه، والضغط بقوة على الجرح، قبل أن يتّسع أكثر.
الشبكة التي ضبطتها شرطة البحث الجنائي بمنطقة القصيم، المكونة من مقيم عربي يحمل شهادة الدكتوراه وابنته، والتي امتهنت مهنة تزوير الشهادات العلمية العليا. موضوعها فيما أرى، أكبر من موضوع تزوير ورقة بأكثر من ختم من الأختام الرسمية، بل هو تزوير عقول.
مشكلة الشهادات العلمية، وإصدارها وتصديقها، والحصول عليها هي أمور تخص الجانب العقلي من المجتمع، فهي ليست عملية غشّ في كيلو بندورة، بل غشّ في عقليات مجموعة من حاملي الشهادات العليا زوراً، وغشّ أيضاً في آلاف العقليات التي يدرسها ويخرجها حاملو الشهادات المزورة أولئك.
نحن إذاً، إزاء عملية تزوير متتالية وغير منفصلة، وتطال أكثر من حلقة من حلقات البناء العقلي للمجتمع.
الذي أريد أن أسأل عنه فعلاً: ما هي آليات الجامعات السعودية، في عملية تدقيق وتمحيص شهادات هيئة التدريس فيها، من الدكتوراه إلى ما دونها؟ أنا أسأل هذا السؤال المحزن المخجل، لأننا فوجئنا كلنا، في بالأسماء التي نُشرت في قضية التزوير تلك، من حملة شهادات مزوّرة، بعضهم يُشار له بالأصابع.
يا وزارة تعليمنا العالي، لا نريد دكاترة، خرجت شهاداتهم من غُرف تزوير مُظلمة كهذه، فابحثي ودققي ومحصي في شهادات منسوبيك من هيئة التدريس، رحمة بعقول أجيال من الطلاب، يُدرسهم دكاترة مُزوَّرون.