مهندس عايض الميلبي
تعددت الأسباب واختلفت الآراء، وظلت فرحة العيد وما شابها شأن يتفق عليه الجميع. فلم يعد الناس يستعدون لقدوم العيد كما كانوا، ولم تعد ملامح البهجة والسرور تزين محيا الصغار والكبار في أيام العيد ولياليه مثلما عهد آباؤنا. لقد باتت مثل هذه الأيام عادية بالنسبة للكثير، تمر كغيرها من سائر المناسبات، وهذا بدوره ينعكس على صغار السن، حيث إن خمول أفراد الأسرة، وعدم تفاعلهم يشكل حاجزا بين الأبناء وبين المتعة والأنس بقدوم العيد السعيد.
ليس لدي تصور تام أستطيع الانطلاق منه لتفنيد أسباب الفتور، التي أمست تغلف جل مناسباتنا الدينية منها والدنيوية، لكن ما يعن على الذهن حينما يأتي ذكر هذا الأمر، هو أن مساحة الفرح والبهجة في زمن البساطة أرحب وأوسع منها في زمن التقنية ومغريات الحياة، ما يعني أن سلوكيات الإنسان وتصرفاته، وتعامله مع الآخرين يتأثر بمستجدات العصر وظروفه. العجيب أنه قد يدرك أحدنا هذا الأثر، بيد أنه قد لا يستطيع الإفلات منه، وذلك لصعوبة مقاومة تيار المجتمع المتحرك نحو اتجاه معين.
إن إظهار السرور، وانشراح الصدور، ومقابلة الأهل والأصدقاء بابتسام وحبور، من الخصال الجميلة التي حث عليها ديننا الحنيف وأقرها، وندب إليها خاصة في عيد الفطر وعيد الأضحى.
فهاتان المناسبتان تمران على المسلمين مرتين في العام، وقد جعلهما الله بديلا لأعياد الجاهلية الغابرة. لذا ينبغي ألا يُغفل الدعاة وخطباء المساجد ما يتعلق بهذا الأمر، فيوجهون المسلمين إلى التفاعل الإيجابي مع مناسبة العيد، وتجاوز كل مسببات الحقد والكراهية التي تعكر صفو العلاقات الإنسانية. فما نلاحظه أن البعض يكتفي بالتهنئة من بعيد عبر رسالة تحمل عبارات مقتضبة قد لا يتعدى أثرها الشفتين واللسان. ونحن هنا لا نقلل من أولئك الذين يبعثون رسائلهم من خلال الأجهزة الحديثة، بل نزجي لهم الشكر على تواصلهم، غير أننا نخشى التوسع بهذا الأسلوب، إلى أن تصبح الأجهزة وسيلة التخاطب بيننا، وبالتالي تتضاءل دواعي البهجة في المناسبات السعيدة.