اعتادت الأسر الجازانية الاحتفاء بعيد الأضحى المبارك صباح العيد بالفطور الجماعي، وطبخ وجبة المحشوش التي تتميز بالبقاء مدة طويلة بلا تلف دون أن تحتاج إلى تبريد.
فما إن ينصرف الرجال من مصلاهم، ويعود كل إلى بيته يجد الطعام معدا، فيحمله إلى المقر المتعارف عليه من قبل جماعة المسجد أو الحي، حيث الإفطار الجماعي.
ويقول ظافر العمودي يجتمع الرجال عادة في الشارع الرئيس للحي، أو بجوار المسجد، وما إن يكتمل العدد حتى يجلس الجميع لتناول إفطار العيد المتنوع كل بحسب ذوقه ورغبته، مع الحرص على أن يأكل الرجل من كل الأطباق، ولو لقيمات، حرصا على إكرام أهله، وأن تعم بركة الطعام، ويسود جو من المحبة والألفة.
ويضيف بعد أن ينتهي الجميع من الإفطار يقوم كبير القوم أو إمام المسجد بقراءة الفاتحة، والدعاء بما فتح الله عليه، ثم يتبادل الجميع التهاني بعيد الأضحى المبارك، ومن ثم الانصراف عائدين لإكمال بقية طقوس العيد، وهي نحر الذبائح، والحلاقة، وتوزيع اللحوم، وتقطيعها، ثم معايدة الأهل، والأقارب، والمعارف، والأصدقاء.
وأشار إلى أن المجتمع الجازاني يعرف بإعداد عمل وجبة المحشوش بتقطيع اللحم إلى قطع صغيرة، ثم قليها في الشحم المذاب لحفظه سليما من التلف أطول مدة ممكنة، وهي إحدى الطرق التي اعتمدها الأجداد منذ القدم لحفظ اللحوم في زمن لم توجد فيه الثلاجات المعروفة.
وتابع العمودي قائلا في الوقت الذي ينشغل النساء بإفطارهن يتولى الرجال ذبح الأضاحي، وبعد أن يهدوا ويتصدقوا منها يجمع ما تبقى من لحمها ليكون محشوشا، وتجتمع الأسرة رجالا ونساء، كبارا وصغارا، ويجلس الجميع لتقطيع اللحم والشحم إلى قطع صغيرة بحجم حبات العنب أو أكبر قليلا، الشحم واللحم كل على حدة، وبعد الانتهاء من التقطيع، وأخذ قسط من الراحة تأتي عملية الحش، والتي تكون عادة بعد صلاة العصر أو المغرب، حيث تضرم نار الحطب، ويوضع قدر كبير عليه، ومن ثم يطبخ الشحم حتى الذوبان، فيوضع معه اللحم والبهارات، والقرفة والملح مع الاستمرار في التقليب حتى ينضج، وبعد أن يصبح جاهزا يوضع في قدر خاص حتى يبرد، ويتجمد الشحم محتويا على قطع اللحم، ويغطى بإحكام، وهكذا يصبح المحشوش الوجبة اليومية.
وأوضح العمودي أن وجبة المحشوش تظل مدة طويلة دون أن تتلف شرط أن لا تمسها اليد مباشرة، أو تصل إليها الرطوبة، فتأخذ منها ربة البيت على قدر الحاجة اليومية باستخدام ملعقة نظيفة، مسخنة على النار، ويتم تناول الوجبة مع أقراص الخمير أو خبز الدقيق، أو أي شيء آخر حسب المذاق.