في الطريق للحج كان لا بد من المكوث عند 'بئر هداج' بتيماء لمدة يومين
عندما يسترجع عدد من كبار السن من أهالي الجوف (شمال المملكة) ذكرياتهم عن رحلة الذهاب لأداء مناسك الحج فإن أول ما يقفز سريعا لذاكرتهم بئر هداج بتيماء وهي أشهر بئر في شمال غرب المملكة، إذ كانت تمثل محطة مهمة في طريقهم للحج وبعدها ينطلقون إلى المدينة المنورة ويستريحون فيها لمدة يومين، ثم يتوجهون لمكة المكرمة قاطعين الطريق في عشرة أيام إلى 15 يوما في بعض مواسم الحج.
مطوف الحجاج بالجوف علي المرشد في العقد السابع من العمر، عاصر تلك الرحلات، وعايش أحداثا كثيرة في تلك الحقبة من تاريخ الحج، روى لـالوطن متاعب ومصاعب الحج في الماضي قائلا: لم يكن يوجد إسفلت وأغلب الطرق صحراوية، وفي الطريق للحج كان لا بد من المرور والمكوث أحيانا عند بئر هداج بتيماء لمدة يومين على الأقل للتزود بالماء والارتواء من العطش.
وهداج من أشهر الآبار في جزيرة العرب تقع في شمال غرب المملكة وتحديدا في مدينة تيماء. ومن زاويتها الجنوبية ما زالت هناك عين ترفده إلى الآن.
وفوهة البئر واسعة جدا يبلغ قطرها 50 قدما، وعمقها 40 قدما، ذات شكل دائري غير منتظم، تحوطها الحجارة، وضرب بها المثل في الكرم فيوصف الرجل المعطاء بـهداج تيماء، البئر الضاربة في القدم الواقعة في وسط البلدة القديمة داخل إطار دائري من أشجار النخيل الباسقة. ويعتقد أن البئر تعود إلى الألف الأولى قبل الميلاد.
وفي عام 1373هـ زار الملك سعود بن عبدالعزيز تيماء ضمن زيارته لمنطقة تبوك، فأمر بتركيب أربع مضخات حديثة على جهات البئر الأربع، حتى يتمكن السكان من رفع المياه من جوف البئر لاستخدامها في أغراضهم المختلفة، فكانت هذه الخطوة نقطة تحول كبيرة في تاريخ البئر ودعما لاستمرارها، ثم تداعت عوامل بشرية وأخرى طبيعية عطلت دورها.
وأعاد الأمير فهد بن سلطان للبئر الحياة بمشروع الملك سعود لترميم بئر هداج الذي أمر به وتبناه ماليا ومعنويا، وهو مشروع كبير على عدة مراحل يهدف إلى إعادة هذه البئر الأثرية إلى وضعها التاريخي القديم، ما يعزز فرص أن تكون البئر معلما حضاريا وعنصر جذب للسياح في منطقة تبوك.