يخشى كثير من الحجاج السوريين أن يتحدثوا عن أوضاع بلدهم إلى الصحافة أو التقاط صور لهم، على الرغم من أنهم بعيدون ويمضون أياما مباركة في أكثر بقاع الأرض أمناً. فالسوريون غدوا يقيمون حسابا لـشبيحة نظام الأسد الذين عاثوا فساداً وزرعوا الخوف في قلوب الشعب.
ومعظم الحجاج السوريين الذين كانوا مقصداً للصحفيين، يحاولون التخفي وعدم إعلان جنسيتهم على الملأ، ومن يرضَ منهم بالتحدث يشترط إبعاد العدسات عنه.
وهذه حال الحاج السوري أبو عمر الذي عزا هذا التصرف إلى رعب الشبيحة الذي يلاحق السوريين أينما كانوا، ويقول: لا نخاف على أنفسنا، بل على أهلنا وأولادنا الموجودين في سورية. ثم يختصر الحديث ويقول قبل أن يضيع وسط الحجاج: حال سورية لا تسر عدواً ولا صديقاً.. الدبح شغال.
19 شهرا مضت من قمع النظام السوري لشعبه، صنعت في داخلهم الرعب، وجعلته يتسلل إلى أفئدتهم، مما جعلهم يتخيلون ملاحقتهم حتى لو كانوا ليسوا على أراضيهم.
فالحاج من هناك، هو مقصد أي وسيلة إعلامية محلية أو دولية متواجدة في المشاعر، ليطلعهم بأدق التفاصيل عن الأوضاع السياسية هناك، بدلاً من أن تصلهم عبر مقاطع فيديو منتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو عبر رسائل إلكترونية تردهم عبر البريد.
الوطن زارت مخيمات الحجاج السوريين، وفوجئت بأن الحاج السوري ما زال يحاول التخفي عن نظامه أو حتى الاقتراب منه بصورة غير متوقعة، ويحرص أيضاً على إخفاء جنسيته عن الملأ، ومن يحاول أن يتحدث مع الإعلاميين فإنه يتحدث بشرط إبعاد فلاشات التصوير عن ملامحه، في الوقت الذي يبحث غيرهم من الحجاج عنها.
أبو عمر حاج سوري، التقت به الوطن في المشاعر المقدسة، وأكد أن السبب في عدم رغبة الحجاج السوريين في كشف ملامحهم أو بياناتهم، هو رعب الشبيحة الذي يلاحقهم حتى في آمن بقاع الأرض، وقال إننا لا نخاف على أنفسنا، وإنما على أهلينا وأولادنا المتواجدين في سورية.
وبعد محاولات عدة للحديث عما يحدث هناك اكتفى بالقول حال سورية لا يسر لا عدو ولا صديق.
وأضاف بلهجته: الدبح شغال. ومن ثم غادر حتى من دون استئذان.
واللافت أن الحجاج السوريين ليسوا مثل نظرائهم من دول أخرى، الذين يتواجدون برفقة بعض وتنقلهم واحد، إذ تجدهم مشكلين على فرق، تتكون من شخصين أو ثلاثة كحد أقصى.
ومن المعلوم أن عددهم يقترب من 10 آلاف، تم تجهيز مقر لهم يتسع لـ 23 ألفا، في ظل إشادة عدد كبير منهم بالجهود المبذولة في خدمة ضيوف الرحمن.
وعلى طرق المشاعر، رصدت الوطن أحد السوريين، الذي قدم ليس حاجا، وإنما امتهن نقل الحجاج عبر حافلة كبيرة مسجلة باسم إحدى الحملات السعودية.
وبحكم أن حاله لا يختلف عن حجاج بلاده، رفض الحديث والتصوير. وبعد محاولات وافق على نشر اسمه بالرمز وامتنع عن إظهار الصورة.
على مدى 30 عاماً، مهمة ع. ط هي نقل الركاب من جدة إلى دمشق بشكل كان يوميا في السابق، وحالياً بشكل إسبوعي، إذ يصف رحلاته حالياً بـالموت، نظراً لخطورتها ونسبة النجاة منها لا تتجاوز 60%، بحسب تعبيره.
يؤكد أنه لا يستطيع دخول دمشق ليلاً، والسبب ليس الإجراءات، وإنما الخوف من الشبيحة، إذ دخلها في بداية اندلاع الثورة وكانت النتيجة قتل اثنين من الركاب القادمين معه من السعودية، واحتجاز خمسة دون أي سبب والزج بهم في السجون.
ويختم حديثه، بأنه لا يستبعد مصرعه خلال الأيام المقبلة، بحكم أنه ينقل في أغلب الأحيان الفارين من هناك إلى الأردن. ورغم ذلك، فهو غير مستعد للتخلي عن مهنته التي امتهنها منذ أربعين عاماً.