في عاصمة عربية، وصلت مع أحد الأصدقاء إلى الفندق بعد الفجر، وبعد أن وضعنا حقائبنا، أردت الاتصال بخدمة الغرف لطلب الإفطار، فاقترح علي صاحبي أن ننزل للمطعم، على اعتبار أن سعر الغرفة الذي دفعناه يشمل وجبة إفطار مجانية.. والمطعم ذو إطلالة جميلة على الحديقة - هذه تبريرات صاحبي ذي القلب الأخضر - وتقديراً لقلبه - الله يسعد قلبه - نزلنا للمطعم.. وجدت جميع النزلاء دون استثناء من جنسيات أوروبية وآسيوية.. واللافت أنهم في أعمار متفاوتة.. صغار.. كبار.. شباب.. أطفال.. تناولنا الإفطار، استغربنا هذا العدد من السياح الأجانب.. بدا لنا أننا العربيين الوحيدين في هذه العاصة العربية.. لم يرق الأمر لصاحبي، لاسيما أنه يقدّر روابط الدم والعلاقات العربية المشتركة!
بعد العصر، نزلنا للمقهى التابع للفندق في الطابق الأرضي لتناول الشاي.. فوجئنا تماماً بما رأينا.. اختفى الأوروبيون تماماً، ووجدنا ربعنا أمامنا يحتلون كل طاولات وكراسي المقهى الواسع.. رجالا ونساء وأطفالا وشغالات، وضجيج وقهقهات وسلامات وحب خشوم ونقابات وعبايات من كل شكل ولون - لا تعرف الخليجية من المتخلجنة! - ورنين لا يتوقف للجوالات، وفلاشات هنا وهناك، وشغل حامي طلبات وعصائر وساندوتشات وحلويات، والذي منه، ومعسل رايح ومعسل جاي..!
طبعاً تحركت لدى صاحبي مشاعر الوحدة العربية، والمصير المشترك.. فاختار لنا طاولة وسط أمتنا العربية المجيدة، وليخسأ الخاسئون!
كان هؤلاء نائمين عند الصباح.. علمت أننا لحظتها أمام ظاهرة ينفرد بها الخليجيون عن غيرهم.. يسدون ممرات الفندق من بعد العصر وحتى منتصف الليل.. طيور ليل.. لكنك لا تجدهم في الأوقات الأخرى.. بل لا تجدهم في أي من مرافق الفندق الأخرى.. فعلاً، لماذا يسافر هؤلاء؟!