م. حمد هاني أبوغزالة

يكفي أن أقول عن تويتر إنه حالياً ثاني أكثر برنامج تواصل اجتماعي استخداما في العالم، ومن المتوقع أن يكون الأول عالميا خلال السنوات القليلة القادمة، وإن أكثر من يستخدمه حاليا من العرب هم السعوديون حيث يدخل يوميا إلى هذا الموقع حوالي أربعمئة ألف شاب سعودي وأعدادهم في ازدياد كبير، وينبغي أن نوليه اهتماما أكبر لمعرفة ما يقرأ هؤلاء الشباب ومدى تأثيره على توجههم وفكرهم.
وسأخص بحديثي هذا الكم الهائل من النقد الشديد الذي يتم تداوله في تويترعلى مؤسسات الدولة، والمجتمع، متجاوزا في معظمه النقد بمعناه الثقافي واللغوي ليصل إلى مستوى الاتهام والقذف لرموز اجتماعية ووطنية، مدعوما بمساحة الحرية المتاحة بالفضاء الإلكتروني، وجهل التويتريين بقوانين النشر.
هنالك شريحة كبيرة من الشباب الذين قد يتأثر حبهم وولاؤهم للوطن بتلك الكلمات التي لا يكادون يقرأون غيرها، وتصدر ويغرد بها أشخاص لا يستندون بمعظم ما يكتبونه على دليل أو إثبات، وتشير دوما للفساد والواسطة إلخ...
إن الـتأثر الحتمي الذي سيصيب النسبة الكبرى من هؤلاء الشباب جرَّاء ما يقرأونه من نقد على مدار الساعة هو أنهم لن يروا في بلدهم ما هو جدير بالاهتمام والمناقشة، بل يتجهون إلى كل ما هو مناسب للتشكيك والسخرية، ولن يروا في بلدهم ما يستحق الحب والفخر، ولن يروا إلا بالعين المتصيدة والباحثة عن الأخطاء.
إنني أحذر من أن نكتوي بجيل جديد مُحبَط ومتشائم ومُشكِك ومُحتقِر لإنجازات وطنه ومجتمعه ، فلا يُخلِص بعمله ولا يهتم بواجباته ويتعمد الإهمال والتقصير والتهاون. إن هذا المصير ليس بأقل خطورة من مصير أولئك الشباب الذين تأثروا بالخطاب المتطرف التحريضي بعصر الصحوة ولا نزال نعاني منهم حتى يومنا هذا. ثم قد يأتي ذلك اليوم الذي يتبرأ فيه هؤلاء المُحبطون زارعوا الشؤم ومحتقرو إنجازات الوطن مما زرعوه بعقول الجيل الجديد، مثلما تبرأ من قبلهم رموز الصحوة من المفجرين والإرهابيين الذين لم يفرقوا بين مسلم وكافر ولا بين معتد ومعصوم.
لست من خلال هذا المقال أهمش النقد أو أقلل من أهميته, بل إنني أؤمن أن النقد هو أحد أهم وسائل التطوير متى ما عرفنا الفرق بين النقد والقذف وبين الانتقاد لغرض التطوير والانتقاد لغرض الهدم.
الموضوع أكبر من أن توضع له مقترحات جاهزة، فحداثة الإعلام المعاصر وندرة البحوث الاجتماعية المتعلقه به تزيد الأمور صعوبة، لذا فإنني أقترح أن تقوم وزارة الإعلام بعقد ورشة عمل يشارك فيها متخصصون ومغردون ووزراء ومسؤولون تكون عن الإعلام الجديد والشباب والوطن. عساها أن تعيد البسمة من جديد لشبابنا المغرد. فأجيالنا القادمه أمانة في أعناقنا، فلنتق الله فيها.