لا أعلم عن مكامن سر (الزمن) الذي جعلنا نختار ستة وثلاثين شهرا كمدة تنفيذية للسواد الأغلب من المشاريع، كما هو المكتوب على اللوحات التوضيحية عند مدخل كل مشروع. وبكل صراحة: صرت أكره هذه اللوحات الكاذبة، ويدخلني (اليأس) من هذه المشاريع. حتى في أحجام المشاريع، لا تفرِّق هذه الفترة الزمنية ما بين لوحتين. هي نفسها المدة المنصوبة على الحديقة الموعودة في (مدخل) المطار، مثلما هو ذات التوقيت على اللوحة القديمة أمام مدخل المدينة الجامعية بين هضاب متنزه القرعاء. هو نفس التوقيت بالضبط على سور المركز الصحي للرعاية الأولية، مثلما هو ذات التوقيت على أطلال المدينة الطبية بألفي سرير على الطريق الرئيسي بأطراف هذه المدينة. وكل لوحات المشاريع، بلا تحفظ، تقول للمواطن الكريم: انتظر هذا البلد بعد ثلاث سنين من اليوم. ولكن: في كل مرة تقرأ هذه اللوحة، لك أن تتذكر، أن فترة الانتظار، ستبدأ من آخر قراءة، حتى ولو كانت هذا الصباح، رغم أن سواد هذه اللوحات منصوبة منذ خمس أو ثلاث سنوات مضت. لوحة المدينة الجامعية منصوبة منذ سبع سنين. لوحة (الكوبري) الطائر على حزام هذه المدينة منصوبة منذ سنين خمس. لوحة شركة توصيل المياه لحارتنا تكمل هذا الشهر عامها الرابع، وعلى هذا القياس لكم أن تقرؤوا في كل مدنكم وقراكم كل هذه الأحلام المحنطة بغد ومستقبل تجمد عند التاريخ المنصوب على أطلال ألف لوحة ولوحة. لكم بعدها أن تسألوا السؤال الخطير: ما هي الأصابع المجهولة التي تصر بهذه الكثافة على تأجيل ولادة الوطن الحلم حتى ثلاث سنوات قادمة لا من (نصب اللوحة) ولكن من آخر قراءة لذات اللوحة المنصوبة: حتى وإن كانت آخر قراءة بعد ثلاث سنين من اليوم من هو الذي يجمد (وطني) كي أنتظره ثلاث سنين أخرى لكل المشاريع رغم أنني سأقرأ ذات اللوحات على الشوارع بعد هذه السنين لأبدأ وكالعادة عداد القراءة من الصفر لفترة جديدة؟ ما هي المؤامرة التي تجمد وطني في (لوحة) من الوهم ولماذا تتمدد السنة الثالثة من أغلب المشاريع إلى (بضع سنين) نختلف حول طولها مثلما اختلف أهل (الكهف) في قياسات طول (الغفوة).