جدة: ياسر باعامر

'التعاون الإسلامي' تدعو العالم لاستغلال فرصة تاريخية صوماليون يناشدون السعودية المساهمة في إعادة الإعمار

الصومال على مشارف عهد جديد، والانتقال من حالة الدولة الهامشية والرخوة إلى دولة تتطلع إلى التنمية الشاملة بعد مرحلة الاستقرار التي تعيشها الآن إثر زوال خطر تنظيم القاعدة المتمثل في جماعة الشباب الإسلامية، التي فرت من آخر معاقلها في كيسمايو.

التعاون والنهضة
وفي إطار الظروف الجديدة، دعا الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي أعضاء المنظمة والمجتمع الدولي إلى المسارعة لانتهاز الفرصة التاريخية في الصومال من أجل مساعدته على النهوض.
وجاءت تصريحات أوغلي بمناسبة زيارته إلى مقديشو أمس، التي التقى خلالها برئيسها الجديد حسن شيخ محمود وعدد من القيادات السياسية، وجال في عدد من المخيمات التي يقطنها النازحون جراء الأزمة الإنسانية التي يعاني منها مئات الآلاف من الصوماليين في مناطق مختلفة من البلاد.
وقال إن اللحظات التاريخية التي يعيشها الصومال تأتي في ظل الانفراج السياسي وبوادر الاستقرار التي تجلت في الأشهر القليلة، خاصة مع انتخاب قيادة جديدة للبلاد ستكون قادرة على إعادة اللحمة لها، وتمهد الطريق للاستقرار والتنمية. وأكد الحاجة إلى رفع فعالية مشاركة الصومال في أنشطة المنظمة، خاصة في ظل القيادة الجديدة للبلاد، داعيا الرئيس الصومالي إلى المشاركة في القمة الإسلامية الثالثة عشرة، والتي يرتقب عقدها في مصر في فبراير المقبل.
كما أكد أوغلي بأن زيارته تشكل دعما صريحا للقيادة الصومالية الجديدة في ظل تحسن الأوضاع السياسية لأول مرة منذ أكثر من عقدين. وشدد في مؤتمر صحفي عقده في مكتب المنظمة بمقديشو على دعمه للقيادة الصومالية الجديدة، ووقوف المنظمة بجانب الصومال. وأشار إلى عزم المنظمة على إعادة تنشيط صندوق الإئتمان لصالح الصومال، والذي أقره مؤتمر وزراء الخارجية الإسلامي السابق بأستانة.

حشد تنموي
بدوره دعا الرئيس حسن شيخ محمود، منظمة التعاون الإسلامي إلى الانتقال من مرحلة تقديم المساعدات الطارئة للبلاد في أعقاب المجاعة التي ضربت الصومال في يوليو 2011، إلى الشروع للحشد في خطة تنموية للنهوض بالصومال إلى مرحلة متقدمة من الاستقرار والازدهار.
في غضون ذلك، اتفق أوغلي ورئيس البرلمان الصومالي محمد شيخ عثمان جواري على التعاون الثنائي لدعم الديموقراطية في الصومال، فيما دعا جواري المنظمة إلى المساهمة في تقديم الدعم اللازم للصومال في مجال بناء المؤسسات الديموقراطية المختلفة.
يذكر أن القضية الصومالية ستتصدر أجندة أعمال مؤتمر وزراء الخارجية الإسلامي الذي يعقد في نوفمبر المقبل بجيبوتي. ويؤكد مسؤولون في التعاون الإسلامي أن الجوار الجغرافي بين جيبوتي والصومال سيدفع بقوة باتجاه تبني قرارات إيجابية لصالح البلد، الذي بدت عليها ملامح تعافي خجولة.

سلة غذاء العرب
وأكد خبراء أن الصومال يمر بمرحلة انتقالية جديدة عنوانها التنمية على جميع الأصعدة، مطالبين بضرورة تعاون المنظمة في إحلال ودعم عملية السلام الداخلية، وتعميق الاستثمارات المالية بالصومال الجديد، إضافة إلى تدريب القوات الأمنية.
وأكد مدير مؤسسة المعارف للتعليم والتنمية عثمان حاجي لـالوطن ضرورة انتقال الصومال من صورة المجاعة إلى صورة البلد التنموي الذي يملك موارد طبيعية هائلة تمكنه أن يكون سلة الغذاء للعالم العربي في اللحوم خاصة أنه يملك قرابة 50 مليون رأس ماشية.
وأضاف أن الصومال يمر حالياَ بملامح الاستقرار السياسي والاقتصادي يؤهله للتنمية الحقيقية، فالأتراك يلعبون حاليا دورا حيويا في إعادة الصومال من الناحية التنموية، إذ لديهم مشاريع تتعلق بتطوير التعليم والزراعة والسياحة وبناء المصانع والفنادق بشكل منهجي مدروس.
ووضع حاجي العوامل التي تساعد على النهوض التنموي منها تحسن الأمن الداخلي بنسبة كبيرة، وعودة العقول الصومالية المهاجرة من الخارج بعد 20 عاما من الهجرة، موضحا أن هذه العقول تملك شهادات وخبرات عالية وتساهم حاليا في بناء الصومال الجديد.
وقال إن الانتخابات الأخيرة كانت إحدى إفرازات هذه العقول التي عادت، وبعضها شارك في الحكومة الماضية. وأفصح أن التعصب القبلي الذي كان يرسم ملامح الجغرافيا السياسية الصومالية تراجع إلى حد كبير نظير التقدم في العقلية الصومالية وزهدها في القبيلة على حساب بناء الدولة الصومالية.

دور سعودي
ورأى حاجي ضرورة دخول السعودية بشكل قوي في البناء التنموي خاصة أن الصومال تمثل عمقا استراتيجيا للرياض، وأن يكون لها حضور قوي في عمليات البناء التنموي في الاستثمارات الزراعية والحيوانية والصحية ومشاريع تأهيل وبناء الطرق.
من جانبه، قال مستشار الرئيس الصومالي للشؤون العربية عيسى علي محمد لـالوطن إن بلاده ليست فقيرة، وأن الظروف هي التي جعلته هامشيا وصغيرا. وأضاف بأنه عندما تزول إشكالات الحروب السابقة وبناء الصومال الجديد بالتعاون مع الأطراف العربية والخليجية ستكون التنمية حاضرة، مؤكدا أن الظرف السياسي الراهن يعد أفضل الظروف لتغيير صورة الصومال من المجاعة إلى التنمية.
وأضاف أن الصومال إلى جانب ثروتيه الهائلتين الحيوانية والزراعية يملك ثروة سمكية ومقومات بناء المشاريع السياحية من حيث الطبيعة الخلاقة والأرض المتوفرة التي تساهم في إنجاح أي مشاريع في هذا المجال.