ما يعرض الآن من أفلام وثائقية على بعض القنوات العربية وخاصة الرسمية منها ـ التلفزيون السعودي خاصة ـ لا يرقى إلى مستوى الأفلام الوثائقية المحترفة، مع العلم أن التلفزيون السعودي في التسعينات كان يعرض أفلاما وثائقية عن المملكة استخدم فيها أفضل وسائل الإنتاج والتصوير، وحتى الآن ما زال كثير من المخرجين يستعينون بها، إلا أنه تغير مفهوم الفيلم الوثائقي، وأصبح يشكل أهمية كبيرة لدى كثير من القطاعات الرسمية وغير الرسمية.
الفيلم الوثائقي يسرد مشاهدات ووقائع لها أهميتها، بعيدا عن الأفلام التجارية التي تعتمد على عرض مصور عن منشأة ما أو سلعة بعينها، فالفيلم الوثائقي يرصد أحداثا وشواهد تاريخية أو علمية وصناعات معينة، ولكن يبدو أن البعض أصبح ينتج أفلاما أقرب إلى الأسلوب الإذاعي، أو عرضا مصورا بعيدا عن الرصد وبعيدا عن الشواهد، سواء كانت تاريخية أو حضارية، كما أنها تفتقد إلى عنصر التشويق، وإيقاعها لا يرقى إلى المستوى الفني المأمول.
الفيلم الوثائقي، وكذلك التسجيلي، وجهان لعملة واحدة باختلاف جزئي بسيط في السيناريو، أما مقوماتهما وعناصرهما فهي ثابتة، يرتكزان عليها في الإنتاج، أولها الفكرة والرؤية الإخراجية للفيلم، والتي من خلالها يتم الإنتاج. وهناك نوعان من إنتاج الأفلام الوثائقية، الأول يكتب السيناريو وعلى أساسه يتم الإنتاج، والثاني يتم الرصد من خلال تصوير جميع الأحداث والمشاهدات والحورات وعلى ضوئها تتم كتابة الفيلم وإخراجه، وهذه النوعية من الأفلام هي الأبرز في التوثيق والتي نشاهدها في المحطات التلفزيونية العالمية، ولها متابعون كثر، وقد تميزت بالمصداقيه والواقعية، أما الأفلام التي ننتجها نحن فهي أفلام لا تنتسب إلى الوثائقية، بل أفلام إذاعية تعتمد على المبالغة في الطرح، وتتم تغطية النص بلقطات أحيانا لا تمت للموضوع بصلة، والنص يكون أقرب إلى البروشور.
المملكة لديها الكثير من المواقع الأثرية والمقومات الاقتصادية والشواهد الحضارية والاكتشافات والابتكارات العلمية التي تستحق أن تُنتج لها أفلام مغايرة لما أنتج في السابق، من خلال التصوير الجيد والنص الواقعي، وتقديمها بشكل عصري بعيد عن الإسفاف والمبالغات في الحوارات، فكثير من المفاهيم تغيرت واللغة الفيلمية أصبح لها من يميزها، وفي تصوري أن ما ينتجه الشباب في اليوتيوب أفضل مما يقدم على الشاشة الكبيرة.